July2010Banner


ضيوفنا الكرامدكتور المصطافين


د. أحمد العيسى
استشاري أمراض طب وجراحة الجلد والعلاج بالليزر

المكان في باريس في شارع الشانزليزيه، في أحد المقاهي. رجل وسيم ذو ملامح عربية يتحدث بصوت عال بالجوال، يقترب من إحدى العائلات الخليجية، وهو يقول: سوف أعود إلى العيادة حالاً، فقط فنجان من القهوة، ثم يداعب أحد أولاد العائلة (ووجه الولد مليء بحبوب الشباب): أنت في باريس بلد الجمال، لماذا لا تعالج بشرتك؟ يوجد لدي أحدث العلاجات الأوروبية، ولكني أعتقد أنها انتهت من كثرة الطلبات عليها، يتحمس الوالد ويقول: «حاول يا دكتور لو كريم واحد».
يرفع الدكتور سماعة التلفون ويقول لسكرتيرته: «عندي هنا رجل مهم جدًا أرجو أن تتدبري لو كريم واحد فقط»، وما هي إلا دقائق حتى تقف السيارة الفاخرة أمام المقهى، ويتسلم منها أربعة كريمات موضوعة في علب فاخرة، قيمة كل واحد منها 800 يورو.
يستبشر الوالد الذي لا يتحدث إلا بالعربية ويقول بملء فيه: «ميرسو يا دختور»!
يعود الابن إلى الوطن متأبطًا أحدث علاج أوروبي لعلاج المرض المستعصي (حب الشباب)، وبعد أشهر ينتهي العلاج الأوروبي ولكن الحبوب العربية باقية دون تحسن، وبعد تحليل العلاج يتضح أنه يفتقد أي قيمة علاجية.
وتكررت هذه القصة مع عدة أشخاص مع الأسف. نعم لقد تنبه بعض المحتالين إلى أن هناك تجمعات خليجية في الصيف وحاولوا استغلالها بكل الطرق ومنها الجانب الصحي، ومعلوم أن الإنسان لو بخل بكل شيء فلن يبخل على صحته. في السنوات الأخيرة، ومع الأسف، نشاهد دعايات طبية باللغة العربية في كثير من الدول الأوروبية بعضها لا ينقصه إلا الأمانة العلمية.
بعد كل صيف أشاهد ويشاهد زملائي كثيرًا من مضاعفات عمليات تم إجراؤها في فصل الصيف (وخصوصًا التجميل) حيث يدرك معظم هؤلاء الأطباء أن متابعة المريض بعد العملية شبه مستحيلة وأن المريض لن يعود ثانية.
أرجو ألا تكون مثل هذه التصرفات جزءًا من عقدة الأجنبي التي عانينا منها طويلاً. والعيادات الصيفية عادة تعرف أن المصطاف سوف يجري العملية وتكون عودته إلى بلده باهظة الثمن ومتواضعة بالجودة. لذلك نحذر من تلك العيادات المؤقتة أو التجارية، ولمن يرغب في إجراء أي عملية تجميل يجب أن يحرص على الذهاب إلى المستشفيات الجامعية أو أن يسأل قبل الذهاب عن اسم الطبيب.
أرجو ألا يفهم من حديثي أنني أجرد تلك الدول من الأمانة الطبية، بل أقول إنها هي الأصل عندهم، ولكن كالعادة الزبد هو الذي يطفو على السطح، فلا بد من التحري قبل الإقبال.
وأخيرًا.. صدقوني إن بلدنا كغيره به عناصر طبية فذة أثبتت إبداعها من خلال حصولها على جوائز عالمية ومشاركاتها في الفعاليات العلمية العالمية، فالإبداع ليس محصورًا على جنس ولا جنسية.