الدجاجات والثعلب والكلب

أماني ناجي الددابقلم: محمد سعيد المولوي
رسومات: George Pontino, Jr.

بدأتْ أشعةُ الشمسِ الذهبيةِ ترسلُ أشعتَها على الكونِ معلنةً مجيء يومٍ جديدٍ، ترجو أن تجدَ حبةَ قمحٍ أو شعيرٍ أو ذرة أو كسرةَ خبزٍ، وقفزَ الديكُ إلى غصنِ شجرةٍ مرتفعٍ، وراحَ يصيحُ مبشرًا بقدومِ يومٍ جديدٍ وحلولِ النهارِ، وموقظًا من لا يزالُ نائمًا، أن وقتَ النومِ قد انتهى وقد جاء وقتُ العملِ.
وخرج الثعلبُ من وجاره (وكره) والجوعُ يعصرُ معدته، يبحثُ عن طعامٍ يسكت صراخَ بطْنه، وما أن قطعَ مسافةً قصيرةً حتى سمعَ صياحَ الديكِ فأحسَ بالسعادة،ِ فلا بد أن هناك دجاجاتٍ منتشرةً عند الديكِ، وهو مشتاقٌ إلى لحمِ الدجاج،ِ فقد مضى عليه زمنٌ لم يَذُق فيه لحمَ الدجاجِ، فأسرعَ بالسيرِ نحو الصوتِ ورأى من بعيدٍ الدجاجاتِ، فطأطأ رأسَه ومضى بطيئًا حَذِرًا أن تراه الدجاجاتُ فتفرّ منه، لكنه لم يدركْ أن الديكَ قد رآه.
عندما أصبحَ الثعلبُ قريبًا من الدجاجاتِ ابتدأ يسرع، فإن شوقَه إلى الطعامِ أعمى عينيه فلم يبصر الديكَ على الشجرةِ، وتخطى الشجرةَ مسرعًا يريدُ الدجاجاتِ، ولكن الديكَ كان له بالمرصادِ، إذ طارَ الديكُ وحطّ على رأسِ الثعلبِ وراحَ ينقره بقوةٍ وسرعةٍ، ولم يدر الثعلبُ من يهاجمه، وظنّ أن صاحب الدجاجات هو الذي يضربه، فقد أربكته المفاجأة فأغمض عينيه وانطلق هاربًا، وقفز الديك عن ظهر الثعلب دون أن يراه. كانت الدجاجاتُ قد أصيبت بالهلعِ والخوفِ، وسارعت بالفرارِ إلى الخمِ، وجاء الديكُ منفوشَ الريشِ مفتخرًا، وبادرتِ الدجاجاتُ إلى شكره، وسمع الجميع صوتًا يقول: «أفسحوا لي الطريقَ»، وانفرجتِ الدجاجاتُ عن الدجاجةِ الجدّة وهي تسير ببطءٍ وحيَّت الدجاجاتُ الجدةَ، وهنأت الجدةُ الدجاجاتِ بسلامتها، ثم قالت: «إنَّ الثعلبَ سوفَ يعودُ إلينا يريدُ افتراسَنا، ولن يستطيعَ الديكُ أن يدافعَ عنا، لذا يجبُ علينا أن نفكّرَ في طريقةٍ للنجاةِ»، وسكتَ الجميعُ مطرقين رؤوسَهم، فتابعت الجدةُ الكلامَ: «إن صاحبَ المزرعةِ قد وضعَ حارسًا للمزرعة ليحمينا ويحمي الأغنامَ والأرانبَ، وما فيها من خيراتٍ، ويجب أن نستفيدَ منه»، وسألت إحدى الدجاجاتِ «ومَنْ هو؟» قالت الجدة «إنه كلبُ الحراسةِ، وهو العدو الأول للذئابِ والثعالبِ، وسأذهبُ إليه وأطلبُ منه حمايتَنا»، ووافق الكلب بشرطين: أولهما أن تبقى الدجاجاتُ مجتمعةً ولا تتفرق، فإن تفرقَها سيجعلُ صيدَها على الثعلبِ يسيرًا، والآخر، أنها إذا أبصرت الثعلبَ، فلتكثر من الصياحِ لتنبيه الكلبَ.
التزم الكلبُ بالجلوسِ وراء كومةِ القشِ الموجودةِ قربَ الخمِ، ولم يمض سوى يومٍ واحدٍ حتى اقتربَ الثعلبُ من خمِ الدجاجاتِ، وشمَّ الكلبُ رائحةَ الثعلبِ، فتربصَ الثعلبُ ورأى من خلال قضبان القشِ، وراحت الدجاجات تصيحُ، ما أربك الثعلبَ، فاندفعَ نحوها ولم يرَ الكلبَ الذي انقضَّ على ظهرِ الثعلبِ وعضَّه، فوقعَ الُثعلبُ على الأرضِ، ثم انفتل يريدُ الهربَ، ولكن الكلبَ عالجه بعضةٍ في رجله وفرَّ الثعلبُ، وهو يعوي والدمُ يسيلُ من رجله، ولم تعد الدجاجات ترى الثعلبَ بعد ذلك

____________________________________________________________________________________________