أخطاء تربوية تقترفها الأمهات

سوف تتطور هذه العلاقة الوثيقة تلقائيًا، لكن ثمة طرقًا عدة لتدعيمها وإثرائهاالجميع يخطئ في التعامل مع سوء سلوك الأبناء، ومن المهم إيجاد الطريقة المناسبة لتصحيح الأخطاء.

كايتي رانكلي, Katy Rankley

 

لم أذهب إلى البنك منذ تلك «الحادثة». فيومها كنت تلك الأم البائسة بسبب صراخ ابني الذي جعل الجميع يتنازلن لي عن مكانهن في الصّف. ثم بعد ذلك تبيّن لي أن محاولاتي اليائسة لتهدئة طفلي فشلت جميعها بسبب غلطة فادحة ارتكبتها. فمرَدّ نوبة الغضب تلك سوء تقديري في وقت سابق من النهار, حيث أخفقت في التّفطن لإشارات واضحة (فرك العينين والانزعاج) تعني أنه كان متعبًا, فلا عجب من صراخه. وتؤكد مستشارة «بارنتس» ومؤلفة «الكتاب الكبير: حلول للآباء» ميشيل بوربا أني «لست الوحيدة التي تسيء قراءة رموز طفلها, فهي ترى أن السلوك يتشكّل حسب أنموذج معين. فالأطفال يأتون بالتصرفات نفسها عندما يشعرون بالتعب أو الجوع أو الملل. وعلى الكبار الملاحظة ثم التكيف على حسب ذلك». وبناء على ذلك كان يجدر بي أن أعلم أن تغيّر مزاج ابني يعني أنني يجب أن أتركه يغفو ثم أقوم بأعمالي عندما يكون جاهزًا.
إن تجاهل الإشارات التي يرسلها الطفل هو واحد من جملة أخطاء التربية التي نقوم بها وبشكل مستمر, ومعالجة الأمر قد تحدث تغييرًا جذريًا في علاقتك بطفلك. ولهذا سألنا الخبراء للكشف عن الأخطاء الشائعة.

سلوكنا السلبي
«لا تضرب أختك», «توقف عن الصراخ», إلى غير ذلك من عبارات المنع التي
توجّهينها إلى طفلك
.
الصواب: حدّدي السلوك الذي تريدين أن يتّبعه طفلك, فنحن جميعًا لا نرغب في تربية أطفال لا يعرفون حدودهم، ولكن كما تقول د.بوربا: «يردّد الآباء كلمة «لا» بشكل دائم، وهذا يجعل الطفل يتجاهلها تمامًا فتفقد الكلمة معناها», وتضيف ليندا سونّا كاتبة «كل ما يخص الرضيع»: «نحن نطلب من أبنائنا، كثيرًا، عدم الإتيان بتصرف ما دون أن نعلمهم ما هو التصرف الصائب, ولذلك فادّخري التوبيخ إلى مواقف أهم (عندما يضع ابنك مثلاً الشوكة في مكبس الكهرباء أو يأكل من أوراق شجرة)، وركّزي جهدك على تعليم أطفالك التصرف السليم. فعلى سبيل المثال لا تقولي له «لا تقف وسط حوض الاستحمام!» وقولي له عوضًا عن ذلك «يجب أن نجلس في حوض الاستحمام لأنه زلق». وعندما يجلس ابنك بالطريقة الصحيحة شجّعيه بقولك: «أحبّ طريقة جلوسك» حتى تؤصّلي لديه السلوك السوي».

توقعاتنا تفوق قدرة أطفالنا
فلنتصور أنك تجلسين في مكان عام وفجأة يصرخ طفلك وحالما تطلبين منه الصمت يعيد الكرّة من جديد, فتشعرين بحرج شديد وتتساءلين لماذا لا يصغي إليك؟
!
الصواب: تقمّصي دور المعلّمة. الأطفال الصغار جدًا لم يكتسبوا بعد القدرة على التحكم في تصرفاتهم، ولم يتعلموا السلوكيات الاجتماعية التي يتطلبها الحضور في أماكن عمومية مثل المحلات والمطاعم، ولكن كما تشير د.سونّا «يتوقع الآباء من أبنائهم أن يَعلموا أكثر مما يستطيعون». عندما يخالف طفلك قاعدة ما, فتذكّري أنه لا يفعل ذلك ليغضبك، ولكنه لا يعرف فعلاً كيف يجب عليه أن يتصرف في مثل ذلك الموقف. ولذلك فلا فائدة (ولا عدل) من تأنيبه. اسعي إلى أن تبيّني له كيف تريدينه أن يتصرف، وقولي له بلطف أشياء من قبيل: «إذا احتجتُ أن أقول شيئًا لوالدك, فإني أنحني قليلاً وأهمس في أذنه», وأشيري له حتى يلاحظ كيف يتصرف الآخرون, كأن تقولي له: «انظر كيف يلوّن تشارلي الرسوم فيما ينتظر طعامه». إن الأطفال مقلِّدون بالفطرة, لذلك فإن إعطاءهم مثالاً للاقتداء به وجذب اهتمامهم لسلوك نحب أن يسلكوه غالبًا ما يحققان نجاحًا كبيرًا. تقول د.سونّا: «يتطلب تعليم الطفل التحكم في تصرفاته وقتًا وتكرارًا» ما يعني أنه يجب عليكِ أن تذكّريه باستمرار وتعلميه بذلك إذا لم يستوعب، وبمرور الوقت سيتّبع السلوك الحسن.

نكرّس السلوك السيئ
عندما تُسقطين شيئًا, فإن صوتك يعلو, ولكنك تغضبين إذا فعل ابنك
الشيء ذاته عندما لا يروقه أمر ما
.
الصواب: اعتذري وأصلحي الموقف الذي قمت به, فذلك سيؤثر حتمًا في سلوك صغيرك. تقول ديفرا رينير التي ساهمت في تأليف كتاب «ذنب الأم» إذا التجأنا إلى الصراخ, فمن المُرجّح أن أبناءنا سيقتدون بنا ويفعلون الشيء نفسه. نعم, يصعب علينا أن نتبع سلوكًا مثاليًا طوال الوقت, ولذلك اعتذري عندما تُجانبين الصواب. وتضيف رينير: «حتى نحن الكبار نجد صعوبة في التحكم في انفعالاتنا القوية. ولذلك فكلمة «آسف» تبيّن أننا مسؤولون عن أخطائنا رغم كل شيء. هذه الكلمة تعطيك، أيضًا، الفرصة لتشرحي أسباب تصرفك بتلك الطريقة, ولتقدّمي سلوكيات بديلة عندما تكونين غاضبة. وذلك ما فعلته دينا بلومنفالد, من بيترسبرغ, عندما اعترض ابنها أوين ذو الخمس سنوات عدّة مرات على ارتداء ملابسه, ما جعلها تصيح قائلة: «اخرس والبس ثيابك!», وعندما أدركت أنها لا تحب أن يتصرف ابنها بمثل هذه الطريقة في وضعية مماثلة, انحنت واعتذرت وشرحت له أهمية الانضباط في مواعيد المدرسة, وقد نجح الأمر وأصبح أوين بعد ذلك يجهّز نفسه بهدوء للذهاب إلى المدرسة.

نتدخل كلما ضايقنا طفلنا
قد تسمعين أبناءك يركضون وراء بعضهم بعضًا في كل أرجاء البيت,
فتصرخين فورًا
.
الصواب: انتقي المناسبات التي يمكن فيها تجاهل سلوكهم. يشعر الآباء، غالبًا، أن عليهم التدخل في كل مرّة يقوم فيها الطفل بفعل صبياني ما, ولكن كما تقول د.بوربا لا يجب على الآباء لعب دور الشرير في كل مرة, فيجب أن نتذكر أن الأطفال يقومون في بعض الأحيان بأشياء خاطئة لأنهم بصدد تجربة واكتساب مهارات جديدة (فيمكن أن يسكب طفلك بعض العصير على وجبته لأنه يختبر السوائل), وفي أحيان أخرى يرمون من وراء إساءة التصرف إلى جذب انتباهك, ونصيحة د.بوربا هنا هي الانتظار والمراقبة عندما لا يُهدّد الأمر سلامتهم. فإذا حاول طفلك ذو الست سنوات وضع السّماعات في أنفه بدل أذنيه فلا تصرخي ناهرة إياه. ولاحظي ما يحدث إذا ما واصلت ما كنت تفعلينه كما لو أنك لم تريه. وأغلب الظن أنه سيتوقف في النهاية دون تدخّلك, وستشعرين بالراحة لأنك تجنّبت نوبة صراخ غير مُجدية.

كلنا نتكلم ولا نتخذ مواقف عملية
أنت تقولين: «أطفئ التلفاز, أنا جادة هذه المرة .. فعلاً». ويواصل أطفالك سوء التصرف لأن تحذيراتك مبهمة, إنها تمامًا مثل الضوء الأصفر لا تنفع ولا تضر.
الصواب: يقول د.روبرت ماكنزي, مؤلّف كتاب: «ارسمي حدود طفلك العنيد»: أرسي قواعد واتبعيها بحذافيرها. فالكلام الكثير وإعطاء فرص ثانية كلها تُبيّن أن التعاون أمر ثانوي. لكي تعلّمي طفلك احترام القواعد, وضّحي له ما تريدينه أن يفعله، وإذا خالف المطلوب فاتخذي موقفًا صارمًا. فمثلاً إذا أردت أن ينزل ابنك من على الأريكة ويذهب لإنجاز واجباته, فابدئي بتوجيه التماس لطيف له كأن تقولي: «من فضلك أطفئ التلفاز واذهب للقيام بفروضك». فإذا قام بما طلبتِ فاشكريه وإلا فأتبعي ذلك بنتيجة وقولي: «سأطفئ التلفاز الآن وستتوقف عن مشاهدته إلى حين إنهاء عملك».

استعمالنا للإبعاد قد يكون خاطئًا
عندما ترسلين طفلك ذا الثلاث سنوات إلى غرفته على إثر ضربه لأخيه يشرع الطفل في ضرب رأسه على الجدار من فرط الغضب.
الصواب: فكري في القرب بدل الإبعاد, فإبعاد الطفل يرمي إلى منحه فرصة ليهدأ وليس إلى عقابه. يستجيب بعض الأطفال إيجابيًا إلى فكرة الذهاب إلى غرفة هادئة حتى ترتاح أعصابهم, فيما يراها أطفال آخرون شكلاً من أشكال الرفض, ما يزيد في حدة توترهم. كما أن هذه الطريقة لا تعلّم الطفل السلوك الصواب الذي تريدينه أن يتّبعه. وتقترح د.سونّا تغيير الإبعاد بالقرب من الطفل والجلوس معه بهدوء. وتضيف الدكتورة إذا كان طفلك مهتاجًا فاحضنيه حتى تهدِّئي من روعه. وعندما يسترخي فسّري له بهدوء لِمَ لم يكن تصرفه مقبولاً. وأما إذا كنت أنت نفسك غاضبة إلى درجة تعجزين فيها عن الشرح فابتعدي أنت, وعندما تتمالكين أعصابك, ناقشي مع طفلك ما تريدينه أن يفعل وبطريقة مختلفة. يمكنك أن تبدئي الحديث قائلة: «ماذا كان يمكنك أن تفعل بدل ضرب أخيك عندما أمسك بقطارك؟».

نعتقد خطأ بأن ما يناسب طفلاً سيناسب الآخر
إن أنسب طريقة للتعامل مع بكاء ابنك المتواصل هي أن تنحني وتنظري في عينيه وتشرحي له أن عليه أن يغيّر تصرفاته, ولكن الأمر قد يختلف مع ابنتك التي ربما تكون عدائية أكثر وترفض الاستماع.
الصواب: نوّعي طرق تعاملك ووسائله. فيسهل دائمًا أن تلومي الطفل إذا فشل أسلوب تربيتك له, ولكن حسبما تشير أفيفيا بافلوك التي شاركت في تأليف كتاب «ذنب الأم»: «من باب أولى أن تبحثي عن جميع الاستراتيجيات التي تساعدك على تربية طفلك وإن اختلفت من طفل إلى آخر». فقد يجدي التذكير الشفهي نفعًا لدى بعض الأطفال فيعودون إلى الصواب فورًا, بينما يحتاج آخرون إلى نتيجة أو ردة فعل منك عندما يسيئون التصرف (كأن تعلّقي استعمال الطفل لجهازه المفضّل). وتُطمئن بافلوك الأمهات لأن: «الصرامة مع طفل والليونة مع آخر لا تناقض المبدأ، بل إنها ضرورية لتلبية حاجات طفلك وتتماشى مع أسلوب تعلّمه»، وتضيف: «لابد أن يناسب العقاب الجريمة والطفل أيضًا».