الجنادرية 28.. عراقة تتجدد

ضم جناح «السعودية» عرضًا لمسيرة الشركة منذ الطائرة الأولى من خلال رصد تاريخي موثق.

مناسبة عزيزة تهل علينا كل عام لتدعونا إلى الحفاظ والتمسك بتراثنا وتقاليدنا وقيمنا، وتعريف الأجيال الجديدة بماضي الأجداد وموروثهم العريق. إنه المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي يحظى برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

تصوير: هشام نصر شما

يأتي مهرجان الجنادرية هذا العام في عامه الثامن والعشرين بالعديد من الأنشطة التراثية، والثقافية، والترفيهية، والرياضية، والإبداعية، فهو بمنزلة نافذة نطل من خلالها على عراقة الماضي متجسدة وشاخصة أمامنا، لا نراها فقط بل نعايشها بكل تفاصيلها، وهو بمنزلة الجسر لتوثيق علاقتنا بالماضي، وزيادة التلاحم المعرفي والثقافي بين الحضارات والثقافات والأفكار. وتتطلع إدارة المهرجان دائمًا لتقديم الجديد والمتميز وعلى أكثر من صعيد، سواء كان في الجانب الثقافي، أو النشاطات، أو الفعاليات والمشاركات المنتقاة. وتعتني إدارة المهرجان بالبرنامج الثقافي الذي يمتاز كل عام بالثراء الفكري من خلال دعوة كبار المفكرين والأدباء من جميع دول العالم الإسلامي، والذي وصل عددهم هذا العام إلى 300 مفكر وأديب.
وكان للفن التشكيلي حضور قوي من خلال معرض الفنون التشكيلية الذي ضم إبداعات لعدد من الفنانين الخليجيين من كل من الإمارات، والكويت، والبحرين، وسلطنة عمان، وقطر. وتجاوزت الأعمال المقدمة أكثر من 500 لوحة فنية لأكثر من 380 فنانًا تشكيليًا. ومن الفعاليات التي لاقت اهتمامًا ومتابعة كبيرة سباق الهجن السنوى الكبير الذي شارك فيه 1200 متسابق في أشواطه الستة. وبلغت قيمة جوائزه النقدية ما يقارب من مليون وخمس مئة ألف ريال، بالإضافة إلى عشر سيارات. وتم اختيار جمهورية الصين الشعبية ضيف شرف لهذه الدورة من المهرجان. فعلى مساحة 2000 متر مربع قسمت الصين جناحها إلى أربعة فصول «المطرزات الحريرية، وتذوق العذوبة، وأرض التأديب والتهذيب، والعصور والقرون». ومن خلال الفصول الأربعة أظهرت حضارتها عبر آلاف السنين. وتم التركيز على طريق الحرير بين الصين والمملكة والذي يبلغ طوله 7000 كيلو متر، وقدمت عروضًا مثل رقصة التنين والأسد، وتاي جي، وكونغ فو وغيرها الكثير. وما يميز مهرجان الجنادرية أن نشاطاته لم تكن موجهة لمرحلة عمرية دون أخرى أو جنس دون غيره. فقد كان للمرأة مساحة من الاهتمام. فعرض المسرح النسائي المشاهد التمثيلية، والقصائد والأناشيد، والمسابقات الثقافية والعلمية والاجتماعية. كما كانت هناك فقرات خاصة للأطفال، وخيمة الألغاز التي كانت تقدم لهم الروايات والحكايات القديمة والألغاز الشعبية. ولعشق السعوديين للعرضة التي دائمًا ما يتحلقون ويتجمعون حولها، كان هناك العديد من عروضها فلا تحلو المناسبات الوطنية إلا بالمشاركة أو مشاهدة العرضة، والتي تعبر عن وحدة الوطن واتحاد الشعب مع قيادته. فعلى وقع الطبول ولمعان السيوف تنطلق الأهازيج التي تطرب لها الآذان. وتفننت الكثير من الأجنحة في إشباع الجانب الترفيهي والرياضي لزوار المهرجان، فأتاحت الفرصة لممارسة عدد من الألعاب مثل: كرة القدم، والهوكي الكهربائي، وكرة السرعة، وتنس الطاولة، وكرة الطائرة، وكرة السلة، والكاراتيه، والجمباز. وكان هناك معرض رياضي يضم عرضًا مرئيًا لنجوم موبايلي. المهن اليدوية القديمة كان لها حضورها الخاص، فالزوار يقفون لساعات طويلة لمراقبة إبداعاتهم ومنهم«القفاص» الذي يعتمد على سعف النخيل. ويقوم بتصنيع أقفاص مختلفة الأشكال والألوان، وسلال ومباخر و«ملز»، وهو عبارة عن سرير للأطفال. و«الخرّاز» الذي يتعامل مع الجلود ويصنع القرب والصملان الخاصة باللبن، وخباء البنادق، وصناعة العصايب وهي معروفة باسم الخطور العطرية التي تنبت في جبال المنطقة الجنوبية وتستخدم في الأفراح والأعياد. واستأثر صوت «النّهام» وهو المغني الذي كان يرتقي ظهر سفن الغوص لبث الحماس والتشجيع في البحارة في أثناء رحلات البحث عن اللؤلؤ قديمًا. ولمحبي القطع النادرة عرضت العديد من الأجنحة بعض القطع النادرة مثل تقويم الملك عبدالعزيز، والذي كان يستخدمه، بالإضافة إلى مجموعة من القطع القديمة التي استخدمها العرب الأوائل في علم الفلك ومعرفة النجوم. ومن أجنحة المهرجان المميزة جناح الباحة، فوسط زغاريد الفرح زُفّت عروس الباحة بكامل زينتها وحليها وملابسها التراثية. وعرضت وزارة الحج مجسمًا لبئر زمزم، ووزعت عبوات من مياه زمزم على زوارها مجانًا. وللتعريف بالتطورات الطبية قامت مدينة الملك فهد الطبية بعرض برنامج «محاكاة لغرف العمليات».