![]() |
|||||||||
مع نهوض كل حضارة تبرز أهمية السعودية لأنها الأهم موقعًا وثروة.
أثبتت الدراسات الأثرية أن المملكة العربية السعودية قد استوطنت خلال العصر الحجري القديم الأسفل بتاريخ قد يتجاوز المليون ونصف المليون عام أ.د.عبدالعزيز الغزي
استمرالإنسان يتجول فيها خلال الأزمنة اللاحقة حتى حلّ العصر الحجري القديم الأوسط، فبدأ يرتاد مواقع أكثر بعدًا إلى الداخل ويتوغل في وسطها إلى أن اتخذ منطقة التقاء الدرع العربي بالهضبة العربية مدار تنقله، إذ وجدت أدواته وأسلحته ومواقع تصنيع أسلحته في مواضع على روابي وادي صفاقة ومساطبه في محافظة الدوادمي وعلى حواف بحيرة كبيرة تغذيها جداول مائية ونهيرات أودية يفترض أنها كانت خلال فترات مطيرة أنهارًا تجري طوال العام أو معظم أيام السنة واستمر الإنسان في وجوده في المملكة العربية السعودية حتى جاء العصر الحجري الحديث، قبل تسعة آلاف عام، فانتشر في المملكة العربية السعودية وتجاوزت مواقعه في أعدادها المئات. وخلال العصر الحجري المعدني أصبحت كثافة وجود الإنسان في المملكة العربية السعودية واضحة استدلالاً بكثرة مواقعه ومنها: كلوة، وقُرية، وتيماء، والبدع، وسهي، إلى جانب مدن الأموات التي تم العثور عليها، مثل: مدن الأموات الست عشرة المنتشرة على الروابي المحيطة بواحة يبرين، ومدن الأموات الست المتناثرة على الروابي المحيطة بحوض الخرج، ومدينة الأموات الضخمة الممتدة من حواف بحيرات الأفلاج جنوبًا لمسافة أربعة كيلومترات، ومدينة الأموات الواقعة إلى الجنوب من موقع الفاو الكلاسيكي بكيلومترين والممتدة أربعة كيلومترات. ومع نهاية العصر الحجري المعدني وبداية الممالك العربية وتبلورها نشأت مستوطنات مثل: دومة الجندل، ومدائن صالح، ودادان، والفاو، والأخدود، وسهي، وتاروت، ودارين. فما سر هذه الديمومة الاستيطانية؟ إنه الثروات الطبيعية المتنوعة والموقع الاستراتيجي، أو بمعنى آخر، اقتصاد الثروة الطبيعية
كانت المملكة العربية السعودية على اتصال بجيرانها في الجهات الأربع، وعلى تواصل تجاري مع جنوب بلاد الرافدين وبلاد الشام والبلاد الواقعة في مشرق شبه الجزيرة العربية. وخلال فترات ما يسمى بالعصور الحجرية المعدنية، أو ما يطلق عليه حضارة هيلي وأم النار ودلمون وثمود ومدين على التوالي. وأصبحت سلع شبه الجزيرة العربية الطبيعية زراعية أو معدنية أو حجرية، أو السلع النباتية التي تزرع من قبل الإنسان أو تلك التي ترد من القرن الأفريقي وشبه القارة الهندية ومن ثمَّ تُصدر إلى الدويلات في جنوب بلاد الرافدين وبلاد الشام وأرض النيل، أصبحت تلك السلع من أهم متطلبات الإنسان، سواء بمادتها المباشرة أو بما يُشتق منها. وتدل الشهادات التاريخية على ثراء المملكة العربية السعودية على مرّ العصور، ومن تلك الشهادات الحديث الذي ذكره الجغرافي اليوناني البطلمي أجاثرسيدس في القرن الثاني قبل الميلاد إذ قال: (يبدو أنه لا يوجد دولة أكثر ثراءً من دولة سبأ والجرهائين، وهم الوكلاء لكل شيء يُصدر من آسيا إلى أوروبا، ودولة سبأ تقع في جنوب شبه الجزيرة العربية، فيما تقع الجرهاء في شرقي المملكة العربية السعودية. وبعد قرنين يذكر المؤرخ الروماني بلينيوس أن الصين والهند وشبه الجزيرة العربية تحصل من الإمبراطورية الرومانية على مئة مليون سترق (عملة يونانية) كل عام على أقل تقدير
ونتيجة لتداعيات عالمية، انهار بسببها الاقتصاد العالمي، دخلت شبه الجزيرة العربية عامة في حروب داخلية، وتعرضت لتدخلات خارجية من الأحباش والفرس، أضعفت قوتها الاقتصادية، فتحول مع مرور الوقت جزء كبير من سكانها إلى حياة البادية والقرى الصغيرة التي نما بعضها مثل مكة والمدينة ونجران وحجر والخِضْرِمة لتصبح مدنًا تجارية تعبرها القوافل التجارية وترد إليها. وبعد أن تبلورت الدولة الإسلامية تغيرت نمطية الاستيطان والقوى المسيطرة في الشرق الأدنى القديم، وأصبحت الإمبراطورية الإسلامية ذات تجارة دولية تتصل بأقاصي البلدان الغربية والشرقية عبر طرق برية وبحرية لعل من أشهرها طريق الحرير الذي ينطلق من الصين ويصل إلى أوروبا عبر شبه الجزيرة العربية. وبقي وسط شبه الجزيرة العربية أو ما كان يُعرف باسم (اليمامة) إقليمًا مهمًا لثروته الزراعية وبخاصة التمور والحبوب، وهما المنتجان اللذان كانا من أهم مصادر الغذاء آنذاك واليوم. وعندما توطدت أركان الدولة الإسلامية عاد المستثمرون إلى شبه الجزيرة العربية، فشقوا القنوات، وحفروا الآبار، واستغلوا العيون، واستثمروا الأرض زراعيًا. وستبقى المملكة العربية السعودية الدولة الأهم للاقتصاد العالمي حضارة بعد حضارة، فتحت سطحها ثروات لا يعلمها إلا الله، وفي جبالها مثل ذلك ويزيد
|