علّمي طفلك قول
الحقيقة

إذا رفض طفلك قول الصدق بخصوص حادثة معينة فتجنبي الإلحاح في سؤاله.

شارلين ك. جونسون

تتمتع إيفي سبنجلر البالغة من العمر سنتين بقدرة فائقة على تأليف القصص، فإن أمسكت بها وهي تقف فوق كرسي محاولة فتح الباب الأمامي تزعم بسرعة بديهة خارقة أنها كانت تغلقه وليس العكس وتقول: «فيونا هي التي أغلقته أولاً، وتصر إيفي أن فيونا فتحت الباب وهربت. تقول جينيفر، القاطنة بلاجولا في كاليفورنيا، والدة إيفي: «إنها تختلق أنواعًا شتى من القصص. فإن كانت ترغب في الحصول على ضمادات «هالو كيتي» فإنها تخبرنا أن يدها تنزف لأن أرنبًا كبيرًا صوّب كرة نحوها». وأما إذا أحدثت فوضى في الغرفة فإنها تضع اللوم على أختيها الأكبر سنًا حتى وإن كانتا في المدرسة في ذلك الوقت.
لم يكن خبراء نمو الطفل متأكدين من قدرة الطفل الصغير على الكذب، بالطبع يمكن للطفل أن يزعم أشياء أو يمزح أو ينقل وقائع بطريقة خاطئة، ولكن هل يمكن أن يحاول فعلاً أن يخدع الآخرين متعمدًا؟ الآن يعرف الخبراء الإجابة التي لطالما شك فيها الأولياء: جميع الأطفال يفعلون ذلك. لحسن الحظ كذب طفلك، وإن تكرّر، لا يعني أنه سيكون كذابًا عندما يكبر، إلا أنه ينبغي عليك أن تعالجي هذا السلوك السيئ قبل أن تتأصل فيه. وتذكري أن الغضب والصراخ والعقاب لن تثني الطفل عن هذه العادة، بل قد تجعله أكثر إصرارًا على أن يطور أكاذيبه حتى لا يقع كشفه في المرات المقبلة. وبدلاً عن ذلك اتبعي هذه المقاربة حسب كل مرحلة من مراحل الكذب:

قبل أن يكذب الطفل
جب ألا تنتظري حتى تكشفي كذب طفلك لكي تبدئي الحديث عن الحقيقة و نتائجها، فمن الأرجح أنه سيصغي إليك بشكل أفضل عندما لا يكون في موقف دفاع.
قرئي له كثيرًا حول موضوع الكذب: فالكتب تساعد على تقديمه بشكل لا يبدو حاملاً في طياته اتهامًا.
كوني مثالاً يحتذى: يتعلم الأطفال النزاهة منك، ولذلك فكري فيما يعنيه اختلاقك الأعذار حتى تبقي في البيت ولا تذهبي إلى العمل أو إلغاؤك خططًا للقاء أهل زوجك! فالكذب، حتى وإن كان عن نية حسنة، له نتائج عكسية.
فسري الاستثناءات: في سن السابعة يبدأ الأطفال استيعاب ما تفرضه المجاملات الاجتماعية أو «الكذب الأبيض». حيث إن الهدف منها هو مراعاة مشاعر الآخرين (مثل أن تقولي لعمتك إن هديتها أعجبتك حتى إن لم تكن تعجبك فعلاً). ورغم أن الخبراء يرون أن هذه الأكاذيب مقبولة بسبب النوايا الطيبة إلا أنه ينبغي أن توضحي للطفل أنها مجرد شذوذ عن قاعدة الصدق العامة.

عندما ينسج الطفل الأكذوبة
إذا وجدت رسومًا كثيرة بالقلم الثابت على جدران غرفة النوم فأنت تعرفين حتمًا من المسؤول عن ذلك، وتعرفين أن ابنتك تفكر جاهدة لتختلق حلاً يخرجها من هذه الورطة؟ حتى إن أحسست أنها ستكذب، لم يفت الأوان لتساعديها على تخطي الموقف دون كذب. حافظي على هدوئك: يلجأ الأطفال إلى الكذب إذا شعروا بالخوف من ردة فعلك. تقول دنيز بيرسون، القاطنة بفورتك ولينز في ولاية كولورادو، في الماضي عندما كانت ابنتاها آنيا (4 سنوات) وإلسي (سنتان) تتشاجران ويعلو صياحهما، كانت تدخل غرفتهما وتصرخ فيهما: «ماذا جرى؟» ومن شدة خوفها كانت آنيا تزعم كاذبة أن شقيقتها الصغرى قد وقعت، وبعد أن تلح والدتها في السؤال تعترف أنها في واقع الأمر قد دفعت شقيقتها. وأما الآن فعندما يتكرر الموقف أصبحت بيرسون تسأل بنبرة صوت عادية: «لِم تبكي إلسي؟» فتقول آنيا الحقيقة، وتضيف بيرسون: «إذا اعترفت آنيا بأنها غضبت لأن إلسي أخذت منها لعبتها أقول: «هذا مؤسف، و لكن لِم لا تأخذين لعبة أخرى وتتبادلينها معها؟».
تجنبي الإيقاع بالطفل لكشف كذبه: ما جدوى سؤال «من أكل رقائق البطاطس؟» عندما ترين الكيس فارغًا ويدي طفلك وشفتيه مشبعة بالزيت. قد يكون الهدف من سؤالك معرفة إن كان سيقول الحقيقة، ولكنه اختبار غير منصف، فاستعيضي عن ذلك بقول: «في المرة المقبلة، فضلاً اطلب مني ذلك، فإذا كان وقت العشاء لم يحن بعد يمكنك أن تأكل شرائح البطاطس. والآن فلنغسل يديك وفمك».
قدمي مكافأة عن الصدق: تقول آني زيركل وهي مستشارة محترفة مرخص لها في آن آربر في ولاية ميشيغن الأمريكية إن مكافأة السلوك الطيب هو أفضل طريقة لجعله يتكرر. فإذا اعترفت ابنتك ذات الخمس سنوات بأنها حطمت لعبة أختها الكبرى دون قصد كافئيها لأنها لم تكذب، إلا أن ذلك لا يجب أن ينقذها تمامًا إذ يتوجب عليها أن تنظف المكان وتعتذر.

بعد كشف الحقيقة
إذا كذب عليك طفلك عمدًا فإنك تشعرين كما لو أن أحدًا صفعك، ولكن كذبه لا يعني أنه طفل سيئ أو أنك فشلت كأم. ولذلك يجب ألا تكون ردة فعلك مبالغًا فيها.
كوني متفهمة عندما يطلق طفلك الصغير العنان لخياله: إن كذب صغيرك كثيرًا لا يعكس ما يتمناه. تقول إليزابيث بيرجر (وهي طبيبة مختصة في طب نفس الأطفال ومؤلفة كتاب «كيف تربين طفلاً ذا شخصية»): «إذا قال ابنك إن هناك مُهرًا في الحديقة الخلفية فابتسمي وقولي: «سيكون ذلك رائعًا. ثم غيّري الموضوع».
لطّفي اتهاماتك: إذا رفض طفلك قول الحقيقة بخصوص حادثة معينة فتجنبي الإلحاح في سؤاله. تقول جنيفر كولاري (مؤلفة كتاب «كيف تغيرين طفلك صعب المراس وتبنين أواصر حب دائم»): «قلة من الناس يعترفون بالكذب تحت الضغط وهذا يشمل الأطفال. وعوضًا عن ذلك يمكنك أن تقولي: «أحبك وأريد أن أفهم ماذا حدث، فبعض أجزاء القصة التي رويتها تبدو لي غير منطقية، لِم لا تأخذ بعض الوقت لتفكر في الأمر وسنتحدث مجددًا بعد ذلك». وسيكشف الطفل الحقيقة إن عاجلاً أو آجلاً.
علميه فن الاعتذار: بيّني لطفلك أنه يمكنه إصلاح ما بدر منه من سلوك بقول بسيط ألا وهو «أنا آسف يا ماما». ففي الواقع، الكذب لا يعدو عن كونه مجرد خطأ، ولذا عندما يعبِّر الطفل عن ندم صادق عما فعله عليك أن تبيني له تفهمك وصفحك. تقول آني زيركل: «إذا اتبعت هذه المقاربة فهناك إمكانية كبرى بأن يكون طفلك صادقًا و مسؤولاً قدر الإمكان في المستقبل». لاحظي أن زيركل استعملت عبارة «قدر الإمكان» وهي حتمًا صادقة في وصفها».

عندما تكون الحقيقة جارحة
عندما يلتحق طفلك بالصف التحضيري يمكنك أن تبادري بتعليمه كيف يكون صادقًا دون أن يجرح الآخرين. تقول لويز إيلردينغ (مؤلفة سلسلة كتب «الطفل المهذب» للأطفال): «نبرة الصوت الناعمة والابتسامة كفيلتان بتحقيق هذه الغاية.«كوني جاهزة لتدريب أطفالك على ردود الأفعال المناسبة على مختلف السيناريوهات التي قد تحدث في البيت حتى يعرفوا كيفية التصرف في مثل هذه المواقف في حياتهم عامة.