المجمعة.. تاريخ وعراقة

تمتاز المنطقة بكثرة الرياض المحيطة بها، والأودية التي تتميز بكثافة أشجار الطلح فيها.

أ.د. عبدالكريم محمد المؤمنأماني الدداإعداد وتصوير: ظافر الشهري

:
تقع محافظة المجمعة على وادي المشقر القادم من منحدرات سلسلة جبال طويق الشرقية، وترتفع عن سطح البحر ما بين 697م إلى 738م، ويدعى موقعها بالموقع البؤري الذي يتمثل في التقاء خطوط النقل والحركة القادمة من الشرق والغرب والشمال والجنوب، حيث تتبع منطقة الرياض إداريًا، ويحدها من الشرق محافظة رماح، ومن الغرب محافظة الغاط، ومن الشمال الزلفي والمنطقة الشرقية، ومن الجنوب محافظة تادق ومحافظة شقراء. ومناخها حار صيفًا بارد شتاءً. ويبلغ عدد أحيائها السكنية حوالي 12 حيًا سكنيًا. وتعد المجمعة المركز الإداري والتجاري لمحافظة المجمعة، وتوجد بها جميع الدوائر الحكومية المركزية بالمحافظة، ولها فروع في بعض مدنها وقراها.
وقد أخذت اسمها (المجمعة) إما من الأودية التي فوقها وتتجمع حولها، وإما لأنه حين بدأت عمارتها أخذت تتجمع بها أسر من قبائل متفرقة، كما قال الشيخ عبدالله بن خميس في معجم اليمامة. وقد أنشئت المجمعة على آثار بلد منيخ القديم كما يقول المؤرخ ابن لعبون. وفي ذلك قال الهمداني المتوفى سنة 334هـ في صفة جزيرة العرب ص 286: «ثم أشي، ثم الخيس، ثم تنقطع الفق، وتيامن كأنك تريد البصرة، فترد منيخين، ثم الحنبلي، وهما مآن، ومنيخين نخل، ولا نخل بالحنبلي. إذ منيخين بلد قائم في هذا المكان ذو نخل وزروع منذ ما قبل القرن الرابع الهجري، حيث تحولت فيما بعد إلى منيخ ثم إلى المجمعة».
وقد أشار الهمداني إلى تطور مناطق بني تميم في وادي الفقي (سدير) وازدهارها في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة، واندثارها في القرن الرابع، ثم عادت وازدهرت في القرن التاسع الهجري بعد هجرات من بني تميم من الوشم جبل شمر، ولكن الهجرة الكبرى كانت لعوائل من بكر بن وائل. وتتابع على إمارة المجمعة بعد ذلك أمراء منهم من كان تعيينًا مثل عثمان بن عثمان بن حمد، أخو حمد بن عثمان بن حمد، والذي عُيِّن بعده مباشرة، كما ذكر ذلك ابن غنام في تاريخه، ومنهم من تغلب على الإمارة مثل مزيد بن حمد بن عثمان. قال الفاخري: (وفي سنة 1236هـ قدم آل عثمان المجمعة) واستمرت إمارته ثلاث سنوات تقريبًا.
من المصادر التي أشارت إليها وأكدت تاريخ المناطق النجدية ومنها المجمعة هو الفاخري ثم جاء بعده ابن بشر، وهذا يدل على عراقة المجمعة وقدمها، ودورها في التاريخ القديم والحديث. ومن الآثار والمعالم الأثرية الموجودة في المجمعة:
• قلعة المرقب: وهذه القلعة فوق جبل منيخ غرب المدينة.
• بقايا الأسوار القديمة للبلد.
• المداريج الزراعية القديمة.
• عدد من المساجد القديمة التي تمت إعادة ترميمها.
• جامع الملك عبدالعزيز ووقفه، وتم بناؤه عام 1335هـ.
• بيت الآثار بالمجمعة بيت الربيعة، بيت المزعل ومتحفه.
• مدرسة الشيخ أحمد بن صالح الصانع.
كان يحيط بالمدينة سور من ست بوابات هي: حويزة، والرميلة، والقنطرة، والنقبة، والبر والجديد. حيث كانت تغلق الأبواب عند الغروب، وتبدأ المراقبة من قلعة منيخ.
تمتاز المجمعة بكثرة الرياض المحيطة بها، والأودية القريبة مثل شعيب النخيل الذي يتميز بكثافة أشجار الطلح فيه، وسيرى زائرها أنها تضم بين طياتها القديم والحديث في بيئة فيها تراث الآباء والأجداد الأصيل، الذي يجمع بين الماضي وأصالته وعراقته الضاربة في أعماق التاريخ، وبين التطور العمراني الحديث الذي تشهده جميع مناطق المملكة. تمتاز، أيضًا، بامتداد سهولها وعمق تربتها الرملية الطينية الخصبة، ما يجعلها من أخصب المناطق الصالحة لزراعة النخيل حتى قيل إنها بلد المليون نخلة. من أشهر أنواع النخيل: الخضري، والروثان، والحلوة، والدخيني، والمجنون، والسليح، والشقراء، والجفير، والصقعي، والخلاص، والبرحي. والخضراوات مثل: البصل، والباذنجان، والطماطم. والفواكه مثل: الرمان، والخوخ، والتين، والعنب، والبرتقال، والشمام.. حيث أصبحت هذه المنطقة منتجعًا للأهالي والقادمين إليها في وقت الربيع، حيث تكسوها الأعشاب والشجيرات، وتزينها الورود والزهور، إضافة إلى مياه السهول التي تتجمع في الأودية والأماكن المنخفضة ما يزيد في جمالها وروعتها ومن أهمها:
• روضة حطابة في شمال غرب المجمعة.
• روضة بناء والنخيل والعمار والقليب شمال شرق المجمعة.
• الخفيسة ومطربة وسدحاء والنظيم وزبد في شرقها.
• والمعيذر في شمالها.
• والمزيرعة والحمادة في غربها.
وقد استمرت المجمعة في النمو والتطور على مدى السنوات والقرون الماضية حتى أصبحت عاصمة لمنطقة سدير التي انقسمت إلى ثلاث محافظات الآن وهي: محافظة المجمعة، ومحافظة الغاط، ومحافظة الزلفي. وكما كانت المجمعة ملتقى القوافل (التجارية، والحجاج) في الزمن الماضي، أضحت في العصر الحديث ملتقى للطرق، حيث يمر بها طريق الرياض– سدير– القصيم– المدينة المنورة السريع، وطريق الكويت– المجمعة– مكة المكرمة... وسكة حديد الشمال، وطريق الجبيل السريع.
من أشهر الأكلات الشعبية في المجمعة: الصبيب، والقرصان، والمرقوق، والمراصيع، والجريش، والمطازيز، والجراد. تعيش المجمعة اليوم نهضة تنموية أسوة بمناطق المملكة المختلفة، فهي تزهو بجامعتها حتى تكون معينًا ينهل منه طلاب العلم امتدادًا لمسيرة العلم والعلماء فيها، كما أنها تحظى برعاية كريمة من سمو أمير منطقة الرياض الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز تنفيذًا لرؤى خادم الحرمين الشريفين،الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتوجيهاته حفظه الله. خطر التأكسد وخسارة الفوائد.