رعاية الآباء لأبنائهم

للآباء طريقتهم الخاصة في الاعتناء بأطفالهم، بينما ترى الأمهات أنها قد تضر بهم.

بقلم: جو كيتا
By: Joe KITA

موغالبًا ما ينطوي لعب الآباء مع الأطفال على جانب من الجرأة، أو خروج عن القواعد المعمول بها في المنزل. ولا شك في أن بعض الأمهات يرين أن مثل هذه السلوكيات تضرّ بالطفل، وربما تعرّضه لأذى صحي. لكن وحدهم الآباء يدركون حقيقة الوضع. فللآباء طريقتهم الخاصة في الاعتناء بأطفالهم، سواء أكان الأمر يتعلّق بتأديب الطفل، أم حمايته، أم اللعب معه. هذا ما لاحظته في أوساط أصدقائي من الرجال، وما سمعته مرارًا وتكرارًا من زوجتي التي كانت ولا تزال تستغرب بعض قراراتي التربوية.
لعلّني أعمّم بعض الشيء في قولي هذا، غير أن الدراسات تدعم المفهوم القائل إن الآباء ينجزون الأمور بطريقة مختلفة عن الأمهات. وفي حين أن مقاربتنا كآباء تتعارض مع المقترحات التي تشتمل عليها كتب تربية الأطفال، يعترف الخبراء بألا جدوى من محاولة تغيير شخصياتنا. ستيفن إي رودز Steven E. Rhoads، مؤلف كتاب Taking Sex Differences Seriously (التفكير الجدّي في الفروقات بين الجنسين)، يقول: «يحتاج الطفل إلى كلا والديه، لأن لكلٍّ منهما نقاط قوّة مختلفة. فالآباء قادرون أكثر من الأمّهات على ابتكار طرائق مثيرة وغير متوقّعة في اللعب». إذا تساءلت يومًا لماذا يعرّض زوجك أولادكما للخطر، أو يشعر بالحاجة إلى تحويل كل شيءٍ إلى لعبة، فاسترشدي بالمعلومات التالية لكي تفهمي أسلوبه الخاص في التربية:

الآباء يسمحون للأطفال بالمخاطرة
راقبي دروس سباحة الأطفال وستلاحظين أن الآباء يميلون إلى إمساك الأولاد من الخلف لكي ينظر الأولاد إلى الأمام (مشجّعينهم بذلك على الاستكشاف)، بينما تميل معظم الأمهات إلى البقاء أمام أولادهن (لمنحهم بالتالي شعورًا بالحماية والراحة). ويقول د. رودز في هذا السياق: «إن الآباء يدفعون الأطفال للقيام بأمور مخيفة وحماسية، ما يساعدهم على تنمية قدرتهم على التعامل مع المواقف غير المألوفة». وهذه النزعة تستمر طيلة مرحلة الطفولة. فهدف الأم هو الحفاظ على سلامة أطفالها. أما هدف الأب، فهو تمرين الأطفال على التسلّق إلى أعلى العوارض الخشبية، والركوب في عربات السكّة السريعة، والتخييم في الصحراء.
الجانب الإيجابي: العالم مكان خطير، ولكي ينجح الطفل فيه فعليه أن يتعلّم المخاطرة بعض الشيء.
أسوأ ما قد يحصل: أن يبتلع الطفل بعض الماء من المسبح، أو يخدش ركبته، أو يقع من أعلى العارضة، أي باختصار كل ما عانيناه في طفولتنا، ونجونا منه.
اتباع أسلوب الآباء: إن التحلي بالصبر مفيد في حالات القلق كما هو مفيد في حالات الغضب. لذا، عندما ترين طفلك في موقف ينطوي على بعض الخطر (كالنزول عبر منحدر حادّ على الدرّاجة الهوائية)، فانتظري لحظاتٍ قبل أن تصرخي «تمهّل!». فإذا سمحت له بأن يعالج الموقف بمفرده، فستعززين ثقته بنفسه.

الآباء يضخون جرعة من المرح في
النشاطات اليومية
لا يعتمد الآباء الطريقة التقليدية في إطعام الأطفال، بل يتظاهرون بأن الملعقة مروحية. وهم لا يكتفون بضمّ أولادهم، بل يرمونهم في الهواء قبل أن يعاودوا التقاطهم (لسوء الحظ، هم لا يفكّرون دومًا في المباعدة بين الوجبات والنشاطات الحركية. لذا تتقيأ الطفلة أكثر عندما تكون في رعاية والدها).
الجانب الإيجابي: تقول د.جوان كينلان Joan Kinlan، اختصاصية الطب النفسي لدى الأطفال في واشنطن: «يدرك الآباء غريزيًا أن الأطفال الصغار يتعلمون من خلال اللعب». فعندما ترى الطفلة طعامها يطير وتُقذف إلى أعلى، يساعدها ذلك على فهم أن البطاطس المطهوة صالحة للأكل، ويعلّمها الوثوق في والدها لأنه سيعاود التقاطها.
أسوأ ما قد يحصل: الآباء يبالغون في تسلية أولادهم أحيانًا. ولكنك لا تريدين أن تكوني مجرّد الصديقة المفضلة لدى طفلك. فليزا دانينغ Lisa Dunning، المعالجة النفسية للعائلات ومؤلفة كتاب Good Parents (الوالدان الصالحان) تقول: «ينبغي أن يظلّ الأولاد قادرين على النظر إليكما بصفتكما تمثلان السلطة الأبوية، وإلا ستعانيان صعوباتٍ في تهذيبهم».
اتباع أسلوب الآباء: احرصي على استحداث جانب إبداعي في المهام الروتينية المضجرة. فإذا كنت مثلاً تعانين صعوبةً في دفع أطفالك إلى تنظيف أسنانهم، فابتكري أغنيةً بسيطةً ليتعاونوا معك.

التصرف الطفولي هو الهدف
كان النشاطان المفضلان لدى أطفالي هما «المصارعة المحترفة» و«القتال بالفطائر». وبالنسبة إلى المصارعة، فتعوّدنا أن نبتكر شخصيات ونقيم مباريات خيالية في الحلبة. أما للقتال بالفطائر، فكنّا نملأ القدور بمعجون الحلاقة ويلاحق بعضنا بعضًا إلى أن يصاب الجميع بالمعجون.
الجانب الإيجابي: تظهر الدراسات أن آثار اللعب الجسدي على المدى الطويل تتنافى مع التوقعات التقليدية. فخلافًا لما تعتقدينه، اللعب الجسدي لا يعلّم العدائية، بل يساعد على إرساء الحدود («العضّ ممنوع»، «علينا تفادي إصابة العينين») ويعلّم ضبط النفس («حسنًا، علينا التوقف»). ويقول د. رودز: «يتحتم على الذكور بشكل خاص أن يدخلوا في اشتباكات من النوع الخفيف وغير المؤذي، لذا فمن المفيد لهم أن يتعلّموا قواعد التصرّف مع الأصدقاء والخصوم».
أسوأ ما قد يحصل: أن يتلقى الطفل ضربة خفيفة، أو يدخل معجون الحلاقة في عينيه. ولكن المهم هو الحرص على أن يبقى اللعب إيجابيًا. وبالتالي، حالما تلاحظين أن أحد الأطفال يتعرّض للمضايقة أو الإحباط، فتدخّلي قبل أن يتعرّض شخصٌ ما للأذى الجسدي (أو المعنوي).
اتباع أسلوب الآباء: حاولي أن تشاركي ابنك بعض الأعمال الصبيانية العبثية في الحديقة. فصحيح أن الأولاد يحتاجون إلى لمسة حنان منك، ولكن القليل من الحب القاسي يفيدهم أيضًا.

نحن نثق بحدسنا
الجانب الإيجابي: إن اتباع الحدس في التربية يحدّ من الضغوطات والشعور بالتوتّر، لأنه يحول دون المبالغة في التفكير. فكلما انفتحت على عدد أكبر من وجهات النظر، تضاعفت الاحتمالات بأن تشكّكي في كل قرار.
أسوأ ما قد يحصل: يتضح من ذوق الرجال في الأفلام (كلما ازدادت الانفجارات، كان الفيلم أفضل) أن حدسهم ليس دومًا سليمًا. فالأب مثلاً غالبًا ما يتجاهل بكاء الطفل في الليل، بينما تستيقظ الأم في أغلب الأحيان لمواساة ولدها، بحسب ما تؤكّد دراسة سويسرية.
اتباع أسلوب الآباء: تفادي تعطيل الفعل بسبب المغالاة في التحليل. من المنطقي بالطبع أن تقرئي عن طرائق بديلة للتعامل مع نوبات الغضب، أو أن تسألي صديقةً عن الطريقة التي درّبت بها أولادها على استعمال المرحاض. ولكن عندما تتخذين قرارًا، التزمي به ولا تشككي في نفسك.

القواعد الروتينية وُضعت لكي يتمّ خرقها
تلزمين أولادك بجدول أعمال محدّد، ثم يسمح لهم والدهم بأن يبقوا في الملعب لوقت إضافي متأخرين بذلك عن وقت نومهم المعتاد.
الجانب الإيجابي: إن التغيير العرضي في إيقاع الحياة قد يكون مفيدًا للأولاد. فبحسب ليزا دانينغ، «من شأن ذلك أن يعلّمهم ويبيّن لهم أن ثمة طرائق مختلفة لمعالجة الأمور».
أسوأ ما قد يحصل: عندما يتغيّر روتين الأطفال، تتضاعف احتمالات أن يصبحوا متعبين ونزقين في اليوم التالي. وبالتالي، فإن أصبحت مزاجية زوجك هي الروتين السائد، فلن يحصل أولادك على الاستقرار الذي يحتاجون إليه.
اتباع أسلوب الآباء: اعمدي بين الحين والآخر إلى مشاركة أطفالك نشاطًا غير اعتيادي. فمبادرتك هذه ستفاجئهم وتثير حماسهم. دعيهم يتناولوا العشاء في منزل أحد أصدقائهم، أو شاهدي معهم عرضًا تلفازيًا ما عوضًا عن الاستحمام. ويمكنك، أيضًا، التخطيط لزيارة مفاجئة إلى مكتب الأب وعرقلة جدول أعماله مثلاً
.