النتائج أم الإنسان؟
عند ذهابه إلى المدرسة قد يجلب طفلك مجموعة كبيرة من الفيروسات. الشبكات المفتوحة قد تحتوييرى غالبية الموظفين أن القادة الذين يجمعون بين التركيز على النتائج والمهارات الاجتماعية يتقدمون على نحو كبير على غيرهم.
لقد أريق الكثير من الحبر لمعرفة آراء الناس
في الصفات التي تجعل من القائد قائدًا عظيمًا. وبصفتي عالمًا أفضل الرجوع إلى البيانات.
بقلم ماثيو ليبرمان*
Matthew Lieberman
في سنة 2009 نشر جيمس زينغر مسحًا مدهشًا أجري على 60 ألف موظف بهدف معرفة كيف تعمل الصفات القيادية المختلفة معًا للتأثير في تصور الموظفين بشأن ما إذا كان القائد قائدًا «عظيمًا» أم لا. كانت اثنتان من الصفات التي تفحصها زينغر هما «التركيز على النتائج» و«المهارات الاجتماعية». «التركيز على النتائج» يمزج المهارات التحليلية القوية بالتحفيز الشديد للمضي قدمًا وحل المشاكل. ومع ذلك إذا كان تصور الموظفين أن القائد قوي جدًا في «التركيز على النتائج» فإن احتمال أن يعده الموظفون عظيمًا يبلغ %14 فقط. «المهارات الاجتماعية» تشمل صفات مثل التواصل والتعاطف. إذا كان القائد قويًا في المهارات الاجتماعية فإن احتمال أن يراه الموظفون أقل عظمة بما نسبته %12 فقط.
غير أن النسبة عند القادة الأقوياء في التركيز على النتائج وفي المهارات الاجتماعية معًا تقفز إلى احتمال أن يراهم الموظفون قادة عظماء بما مقداره %72.
المهارات الاجتماعية مُضاعف كبير. فالقائد الذي يملك مهارات اجتماعية قوية يُمكنه توظيف القدرات التحليلية لأعضاء الفريق بفاعلية أكبر بكثير. إن امتلاك الذكاء الاجتماعي للتنبؤ بكيفية عمل أعضاء الفريق معًا يُمكن أيضًا أن يعمل على تحسين المزاوجة. فالصعوبات التي يبدو عليها لأول وهلة أنها ذات علاقة بالمهمة يتضح لاحقًا في كثير من الأحيان أنها مشاكل شخصية بينية كانت مستترة. فقد يشعر موظف بأن موظفًا آخر ينتقص من قدره، أو يعتقد أنه يؤدي العمل كله بينما شريكه يتسكع، ما يجعل الاثنين يبذلان جهدًا أقل لحل المشاكل القابلة للحل. القادة ذوو المهارات الاجتماعية هم أقدر على تشخيص هذه المعضلات الشائعة في العمل ومعالجتها.
على ذلك كم من القادة ينالون تقييمًا مرتفعًا في التركيز على النتائج والمهارات الاجتماعية معًا؟ إذا كانت هذه المزاوجة تُنتج قادة أكفاء بشكل خاص فإنه يُفترض في الشركات أن تكون قد اكتشفت ذلك ووضعت الأشخاص في المناصب القيادية تبعًا لذلك، أليس كذلك؟ أجرى ديفيد روك، مدير معهد القيادة العصبية، ومجموعة أبحاث الإدارة مؤخرًا مسحًا لمعرفة الجواب. طلبوا من آلاف الموظفين تقييم رؤسائهم في «التركيز على الأهداف» (شبيهة بالتركيز على النتائج) والمهارات الاجتماعية لدراسة عدد القادة الذين حصلوا على تقييم مرتفع في الاثنتين معًا. كانت النتائج مثيرة للدهشة حقًا. أقل من %1 من القادة حصلوا على تقييم مرتفع في التركيز على الأهداف والمهارات الاجتماعية معًا.
كيف يكون ذلك؟ كما ذكرت في كتابي «الاجتماع: لماذا شُبكت أدمغتنا لتتواصل» Social:Why Our Brains Are Wired to Connect لقد جعلت
أدمغتنا من الصعب علينا أن نكون قادرين على التركيز اجتماعيًا وتحليليًا في آن واحد. على الرغم من أن التفكير اجتماعيًا لا يختلف جذريًا عن التفكير تحليليًا، إلا أن التطور جعل أدمغتنا تبني شبكتين مختلفتين للتعامل مع كل طريقة في التفكير. مناطق الدماغ الواقعة على السطح الخارجي من الفص الجبهي مسؤولة عن التفكير التحليلي ولها علاقة قوية بحاصل الذكاء. وعلى العكس من ذلك فإن المناطق الواقعة في وسط الدماغ إذ يتلامس نصفا كرة الدماغ تدعم التفكير الاجتماعي. فهذه المناطق تسمح لنا بتكوين صورة عن أفكار الشخص ومشاعره وأهدافه استنادًا إلى أفعاله وكلماته وكذلك الإطار المحيط.
هنا يكمن الشيء المدهش حقًا للدماغ. تعمل هاتان الشبكتان مثل الأرجوحة التي يجلس شخصان في طرفيها. أظهرت دراسات التصوير العصبي العديدة أنه كلما ازداد نشاط إحدى هاتين الشبكتين كانت الأخرى أكثر هدوءًا. هناك بعض الاستثناءات، ولكن بشكل عام الانخراط في نوع واحد من التفكير يجعل الانخراط في النوع الآخر أكثر صعوبة. يمكننا القول دون تردد بأن التفكير التحليلي في الأعمال هو المهم تاريخيًا، ما جعل من الصعب إدراك القضايا الاجتماعية التي لها تأثير مهم في الإنتاجية والأرباح. علاوة على ذلك يتم غالبًا ترقية الموظفين إلى المناصب القيادية بسبب مهاراتهم الفنية. وبذلك نقوم بترقية أشخاص قد يفتقرون للمهارات الاجتماعية اللازمة للاستفادة القصوى من الفريق, ولا نزود هؤلاء القادة بالتدريب الذي يحتاجون إليه لكي ينجحوا.
ما الذي يمكننا عمله لتحقيق نتائج أفضل؟ أولاً، يجب إعطاء وزن أكبر للمهارات الاجتماعية في عملية التوظيف والترقية. ثانيًا، نحتاج إلى تنمية ثقافة تُكافئ الأشخاص الذين يستخدمون جانبي الأرجوحة العصبية معًا بكفاءة. قد لا نكون قادرين على استخدامهما معًا بسهولة، لكن مجرد المعرفة بأن هناك جانبًا آخر لحل المشاكل والإنتاجية سيساعدنا على إعداد قادة بمهارات أكثر توازنًا.
أخيرًا، قد يكون بالإمكان تدريب تفكيرنا الاجتماعي إذ يُصبح أقوى بمرور الوقت. علماء علم النفس الاجتماعي هم الآن في المراحل الأولى من الدراسات اللازمة لمعرفة ما إذا كان هذا النوع من التدريب سيكون مجديًا. أحد الاحتمالات المثيرة هو ما تم اكتشافه مؤخرًا ومفاده أن قراءة الروايات الخيالية تقوي على ما يبدو مؤقتًا هذه العضلات الذهنية. سيكون من المدهش حقًا لو تبين أن قراءة «الحارس في حقل الجودر» Catcher in the Rye أو الرواية الأخيرة لجون غريشام هي الطريق لتحقيق أرباح أكبر.
* ماثيو ليبرمان هو أستاذ ومدير مختبر العلوم العصبية الإدراكية الاجتماعية في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس. وهو مؤلف كتاب «الاجتماع: لماذا شُبكت أدمغتنا لتتواصل» Social:Why Our Brains Are Wired to Connect ومحاضر في برنامج TEDx.