تطور كبير في زراعة غضاريف الركبة

يستفيد منها من لديهم تضرر محدود ويستطيع المريض أن يعود لحياته الطبيعية في اليوم الثاني للجراحة.


بقلم: محمد سعيد المولويد. ياسر العمري
استشاري جراحة العظام
الزمالة في جراحة اليد من ليتل روك، أركنساس، أمريكا

عدم ممارسة الرياضة واتباع سلوكيات خاطئة في الحركة أو الغذاء يمكن أن يفاقما إصابتنا بالعديد من أمراض العظام، والأمر يطال الأطفال والكبار، رجالاً ونساء، على حد سواء. ومؤخرًا بدأت تتعالى أصوات الشكوى من أوجاع المفاصل لدى شرائح كبيرة من المجتمع، وتكثر هذه الأوجاع مع تقدم العمر، وهناك معاناة لدى النساء بشكل خاص بسبب ارتفاع نسبة الإصابة بمرض هشاشة العظام.
يزيد من تأثير هشاشة العظام ارتفاع معدلات السمنة، والمرض الصامت (هشاشة العظام) سمي بذلك لأن معظم المرضى لا يعلمون أنهم مصابون به. وهذا المرض يعانيه الملايين حول العالم. وهناك إحصاءات تؤكد أن نسبة الإصابة بين النساء بالمملكة العربية السعودية وصلت إلى %67، وهذه النسبة مرجحة للزيادة. وخطورة هذ المرض تكمن في سهولة التعرض للكسور وبشكل متكرر، وهذا له تأثير كبير في حركتنا.
والأطفال ليسوا بمنأى عن الإصابة بأمراض العظام، فمن أكثر الأمراض انتشارًا بالمملكة العربية السعودية والتي تصاحب الأطفال في أثناء نموهم، الكساح والخلع الولادي. فهذان المرضان لا يمكن كشفهما بعد الولادة مباشرة، لكن تظهر أعراضهما بعد الولادة. والخلع الولادي هو عبارة عن عدم اكتمال نمو المفصل، ومن الخطورة ألا يتم اكتشافه خلال الأشهر الثلاثة الأولى، أي بعد الولادة مباشرة. فبعد هذه المدة يحتاج الرضيع إلى تدخل جراحي. والكساح تراجعت نسبة الإصابة به بشكل كبير في السنوات الأخيرة. ومن العلاجات الناجعة له إعطاء حبوب للرضيع عبارة عن فيتامين (د) كمكمل غذائي بعد الولادة، وينصح بتعرض الرضيع للشمس لتفادي الإصابة بالكساح، ولا بد من الحرص على فحص الرضيع للتحقق من عدم إصابته بالخلع الولادي. وهناك أمراض أخرى تصيب الأطفال في أثناء مراحل نموهم، ومنها: (الجنف) وهو عبارة عن ميلان في العمود الفقري، ويصاب به الأطفال غالبًا في المرحلة التي تسبق المراهقة، وتصاب به الفتيات بنسبة أكبر من الأولاد، ويصيب الفتيات من سن 10 وحتى 12 عامًا في الغالب، ويجب علاجه فور ملاحظته لتجنب حدوث تشوهات في العمود الفقري وغيرها من المضاعفات.
وهناك أنواع أخرى من الأمراض تصيب الأطفال، ومن أكثرها شيوعًا تشوهات العظام، والتي تنقسم إلى نوعين، وهي غالبًا ما تصيب الأطراف والمفاصل والعمود الفقرى. النوع الأول عبارة عن تشوهات خلقية، وهي التي يولد بها الرضيع. أما النوع الثاني فهو تشوهات تصيب الطفل في أثناء مراحل النمو.
ومن أسباب التشوهات الخلقية، استخدام الحامل الأدوية في أثناء فترة الحمل، أو الحمل في سن متأخرة، أو إصابة الحامل بأمراض مثل الحصبة الألمانية أو إفراطها في تناول المسكنات. والتشوهات غير الخلقية تتعلق بمراحل النمو، فهي تنتج عن أمراض الاستقلابات، وهي عبارة عن نقص الإنزيمات التي يتم إفرازها في الجسم أو زيادتها. وبعض هذه الأمراض تكون أسبابها العوامل الوراثية، وبعضها الآخر غير وراثي، ومعظم تشوهات العظام يتم اكتشافها بالكشف الروتيني على الرضيع فور ولادته. فالفحوص الروتينية تكشف كل أنواع التشوهات التي تتسبب في الاعوجاج الخلفي للقدم، والخلع الخلقي لمفصل الحوض، ويصيب هذا النوع الإناث أكثر من الذكور. وهناك الاعوجاج الخلقي بالعمود الفقري، وهذا ربما يصيب فقرة واحدة أو عدة فقرات، إضافة إلى التمفصل الكاذب الخلقي لعظمة القصبة، والهشاشة الخلفية للعظام، وقصر عظمة الفخذ الخلقي وتفلطح القدم. وهذه الأمراض من السهولة علاجها مع تطور وسائل التشخيص والعلاج. والجراحات أحد العلاجات التي لا غنى عنها في علاج بعض المشكلات المستعصية.
تنقسم الجراحات التي تختص بالعظام لتخصصات متعددة، ومن أبرز تلك التخصصات: جراحات العمود الفقري، والانزلاق الغضروفي، وأمراض العمود الفقري، وتغيير المفاصل، وغضاريف المفاصل، والإصابات الرياضية. وكل هذه التخصصات شهدت خلال الآونة الأخيرة تطورًا كبيرًا. فعلى سبيل المثال، أصبح يمكن زراعة الغضاريف لمن لديهم تضرر محدود في غضاريف الركبة والتي تتم زراعتها عبر المنظار للمصابين بالضرر المحدود فقط. أما من لديهم خشونة في الركبة بنسبة تضرر كبيرة أو شاملة فلا يمكن زراعة الغضاريف لهم. وتحقق عمليات زراعة غضاريف الركبة نسب نجاح مرتفعة جدًا، ونجحت في تخفيف آلام الكثيرين.
وقد شهدت زراعة المفاصل تطورًا كبيرًا وأصبحت أكثر سهولة، حيث تتميز بقدرتها على منح المريض مدى حركة أكثر مرونة، كما أنها تعطي الجراح خيارات كثيرة في أثناء عملية الجراحة، فمن خلال استخدام الرنين والأشعة يتم ترشيح المقاسات المناسبة للمريض الذي يخضع لعملية زراعة المفاصل، وخلال أسابيع وربما من اليوم الثاني يستطيع المريض أن يعود لحياته الطبيعية. وتراوح مدة إجراء العملية بين ساعة وساعتين، والمواد التي يتم استخدامها في المفاصل الصناعية لا تختلف كثيرًا من شركة لأخرى، لأن هناك جودة تراعى لدى كل الشركات المنتجة.
أما بالنسبة لخشونة الركبة فأسبابها كثيرة، ومنها: الإصابات والحوادث والتمزقات، كما أن هناك تدخلات للعامل الوراثي، وهي تصيب بنسبة كبيرة من يعانون زيادة الوزن، وغالبًا ما تصيب خشونة الركبة من تجاوزوا سن 40 عامًا، سواء كانوا من الذكور أو الإناث. وتبدأ أعراض خشونة الركبة بإحساس بآلام زائدة في أثناء ثني الركبة، وقد تتطور الآلام ليشعر بها المريض في أثناء المشي. وهناك عدة طرق لعلاج خشونة الركبة إما بالأدوية أو العلاج الطبيعي أو حقن المفاصل أو تبديل المفصل، والأدوية تساعد على تخفيف الآلام وتقلل من تدهور الحالة الصحية للمريض، ومع تقدم العمر تزداد نسبة الإحساس بالآلام للمصابين بخشونة الركبة. ومن النصائح التي نوجهها باستمرار من أجل الوقاية من الإصابة بخشونة الركبة، الحفاظ على الوزن، وممارسة المشي بشكل دوري. فالمشي له عدة فوائد منها: تغذية الغضاريف، وإعطاء مرونة بشكل عام للجسم، وننصح بعدم ثني الركبة لأكثر من 90 درجة لفترات طويلة، وتجنب إجهاد الركبة حتى لا تتفاقم الخشونة، وكذلك الحرص على التحرك على أرضيات مستوية. وقد شهدت الجراحات الأخرى تطورات هائلة، ومن تلك الجراحات جراحات العمود الفقري، والتي أصبحت تتم عن طريق المنظار مع استخدام الميكروسكوب، إذ يمكن استبدال غضاريف صناعية بها.