حافظي على ابتسامة طفلك


شعرت ليزا كايل القاطنة بنيويورك سيتي بالصدمة عندما اصطحبت ابنها البالغ من العمر خمس سنوات إلى طبيب الأسنان لإجراء فحوصات عادية، فكشف فحص الأشعة السينية عن وجود خمسة تجويفات من بينها ثلاثة في أضراسه بلغت مرحلة متقدمة لا يمكن معها حشوها. وهذا يعني أن الطفل الذي لا يزال يرتاد روضة الأطفال كان بحاجة إلى عمل شاق حيث يحتاج إلى ثلاث جلسات علاجية بما فيها «علاج قناة العصب».

لكي تتجنب كايل كل هذه المشاق، سألت إذا كان في الإمكان اقتلاع الأضراس الثلاثة بما أن الطفل سيستبدل بها على أي حال الأسنان الدائمة. ولكن لأن الأضراس اللبنية تبقى إلى أن يبلغ الطفل سن الثانية عشرة أو بعده، وفقدان الأسنان اللبنية في مرحلة عمرية مبكرة قد يجعل الدائمة تأخذ شكلاً معوجًا فقد ارتأى طبيب الأسنان أنه من الأفضل إنقاذ جميع الأسنان اللبنية.
كان جيك مذعورًا إلى درجة جعلته يبكي طوال الوقت الذي كان جالسًا خلاله على كرسي طبيب الأسنان. وكانت الجلسة الثانية أصعب على الطفل بينما كانت الثالثة الأسوأ، حيث اضطر الطبيب إلى أن يجعله يرتدي السترة المقيدة. قد تبدو هذه القصة مثالاً متطرفًا عما يحدث، ولكن أطباء الأسنان يؤكدون أن عدد الأطفال الذين يشبهون جيك ليس بالقليل.
تقول مراكز التحكم في الأمراض والوقاية منها إن نسبة الأطفال الذين يعانون تجويف الأسنان في ازدياد، وإن طفلاً من بين سبعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات و5 سنوات يشكون من تسوس أسنان لم يتم علاجه. وقد أصبح تسوس الأسنان من أكثر أمراض الطفولة شيوعًا، فنسبة انتشاره تمثل خمسة أضعاف نسبة انتشار الربو. (ويعد مرضًا لأن التجويفات تسببها بكتيريا تشغل السكريات التي يتناولها الطفل لإنتاج حوامض تقضي على الأسنان). حتى إن كان التجويف غير مؤلم فإن تسوس أسنان الطفل يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالتجويف في الأسنان الدائمة، حيث يؤكد بورتن ادلشتين، أستاذ طب الأسنان بجامعة كولومبيا ومدير مؤسس لمشروع صحة أسنان الطفل ومستشار مجلة «بارنتس»: «عندما تبرز الأسنان الدائمة في محيط شهد تسوس الأسنان اللبنية فإن البكتيريا نفسها تهاجم السن أو الضرس الجديد».

أسباب التجويف
يقول الخبراء إن معدلات الإصابة بهذه التجويفات ترتفع باستمرار، ويعود ذلك جزئيًا إلى ما يأكله الطفل. فالأطفال يستهلكون كميات أكبر من الكربوهيدرات مثل البرتزلز والمقرمشات، بالإضافة إلى قدر هائل من الحلويات والعصائر والصودا مقارنة بالسنوات الماضية. (وقد أخبر الطبيب السيدة كايل بأن شغف ابنها جيك بالعلك ساهم في تكون التجويفات البالغة). وتقوم البكتيريا التي تعيش على السكريات بتعرية طبقات السن عن طريق استنفاد الكالسيوم، وعندما تتسع المساحة الخالية من الكالسيوم فإن السن تتهاوى ويظهر التجويف لدى الطفل.

نصائح من أجل الرضع
توضح مراكز التحكم في المرض والوقاية منه أن التجويفات تصيب 11% من الأطفال ذوي السنتين من العمر، و21% من ذوي الثلاث سنوات، و44% من البالغين من العمر خمس سنوات، واتخاذ التدابير اللازمة لحماية أسنان طفلك منذ المراحل الأولى سيكون مفيدًا.
ابدئي بتحديد عدد المرات التي تقدمين فيها الوجبات الخفيفة التي تحتوي على كثير من الكربوهيدرات مثل البسكويت الرقيق والكعك المملح المجفف، والحبوب التي تتحلل إلى سكريات. تقول ليزلي هارفل، طبيبة أسنان مختصة ومعتمدة بنيومارك في نيوجرسي: إن «العصائر تساهم، أيضًا، في ظهور التجويفات. ويستغرب كثير من أولياء الأمور من إصابة أطفالهم بالتجويف رغم أنهم لا يسمحون لهم بتناول الحلوى، ثم يتضح أن هؤلاء يشربون العصائر كامل اليوم». وكثيرًا ما يشربونه في كأس الترشف. وتوضح د.هارفل: «يشرب بعض الأطفال العصير في جميع الأوقات والأيام لأنهم يحملون معهم دائمًا كأس الترشف، كما تقدم لهم أمهاتهم العصائر باستمرار عندما يكونون في عربة الأطفال». ورغم أن العصير مشروب صحي مقارنة بالصودا فإنه يغرق الأسنان بالسكريات.

الأطفال في سن ما قبل الدراسة
إذا بلغ الطفل الرابعة من عمره دون تجويفات في أسنانه فذلك يزيد من فرصه في الحفاظ على صحة أسنانه (دون تجويفات أو بعدد قليل جدًا منها) طوال مرحلة الطفولة. ولأنه يمكن بسهولة الوقاية من التجويفات فإن إرساء عادات حفظ صحة الأسنان سيكون مفيدًا حتى في المراحل العمرية اللاحقة عندما يقل تحكم الأم في حمية طفلها. فانصحي طفلك مثلاً بأن يبصق في أثناء تنظيف أسنانه دون استعمال الماء في البداية حتى يبقى بعض الفلورايد على الأسنان. ولأن الفلورايد الموجود في معجون الأسنان غير كاف للوقاية من الإصابة بالتجويف فيمكن الاستفادة، أيضًا، من مياه الشرب التي تحتوي على هذه المادة، لأنها تساعد على الوقاية من التجويف عبر تقوية مينا الأسنان ومقاومة التسوس المبكر. فإذا كانت عائلتك تستعمل مياه الآبار أو المياه المعبأة (وغالبًا ما تكون خالية من الفلورايد) فقط أو إذا كنت تعيشين في منطقة تكون فيها مياه الصنابير غير مزودة بمادة الفلورايد فاسألي طبيبك عن المكملات اللازمة لمعالجة هذه المسألة. وأما استعمال خيط تخليل الأسنان قبل تنظيفها بالفرشاة فيقلل من اللويحات السنية وبقايا الطعام التي تزيلها الفرشاة. مرري خيط الأسنان في كل مكان تتلامس فيه الأسنان، وكرري العملية حتى يعتادها الطفل. جربي اقتناء الخيط ذي المقبض الكبير والمناسب للأطفال فقد يحفزه ذلك على استخدامه.
فكري، أيضًا، في استخدام التقنية، بالإضافة إلى جعل عملية تنظيف الأسنان خالية من المشاحنات، جربي استعمال الفرشاة المزودة ببطارية فهي تنظف بطريقة أفضل من اليدوية، ولا تتطلب براعة كبيرة من الطفل في أثناء استخدامها. كثير من الأطفال بين سنتين و6 سنوات يحبون الفرشاة المتحركة التي تصدر ضوءًا وموسيقا. ولكن يجب الانتباه عند استخدام هذا النوع، حيث أصدرت الجمعية الفيدرالية لطب الأسنان إنذارًا بهذا الخصوص لأن رأس الفرشاة من نوع Arm & Hammer Spinbrush قد ينفك في أثناء الاستعمال فيؤدي إلى إصابة أو اختناق. وتنصح الأكاديمية الأمريكية لطب الأسنان بفحص رأس الفرشاة، والتأكد من أنه مثبت بإحكام قبل الاستعمال، واحرصي كذلك على أن تقومي بنفسك بتنظيف الأسنان الخلفية والمساحات الداخلية التي لا يستطيع الطفل الوصول إليها.

الأطفال الأكبر سنًا
عندما ينتقل الطفل إلى الصف الأول يكون قادرًا على تنظيف أسنانه، ولكن كيف تعلمين أنه يمكنه القيام بذلك بمفرده؟ تقول د.هارفل: «إذا كان الطفل قادرًا على ربط حذائه فذلك يعني أنه جاهز». بين سن الخامسة والسابعة يبدأ الطفل في فقدان أسنانه اللبنية، وبصفة عامة إذا ظهرت الأسنان اللبنية في مرحلة مبكرة فذلك يعني أن فقدانها يكون في مرحلة مبكرة أيضًا، كما ستظهر الأضراس الأربعة الدائمة في عمر السادسة تقريبًا. تحدثي مع طبيبك حول مثبتات الأسنان والأغلفة البلاستيكية التي تقلل من خطر التسوس على مناطق القضم بنسبة تبلغ 89%. وينصح بهذه الوسائل للأضراس الدائمة، لأنها تحمل أخاديد في مناطق القضم من شأنها أن تزيد خطر الإصابة بتجويف الأسنان.
يمكنك كذلك تشجيع طفلك على مضغ علكة الاكسيليتول بعد الوجبات.(تريدنت Trident من أنواع العلك التي تحتوي على هذه المادة، ولكنك قد تجدين أنواعًا أخرى في متاجر الأكل الصحي أو لدى طبيب الأسنان). وقد ثبت أن الاكسيليتول، وهو سكر بديل، يحمي مينا الأسنان، ويقلل من البكتيريا المسؤولة عن تسوس الأسنان. وبناء على تقرير صدر سنة 2011 حول سبعين دراسة تنصح الجمعية الأمريكية لطب الأسنان بأن يواظب الأطفال في سن الدراسة ممن هم أكثر عرضة للإصابة بتجويف الأسنان على مضغ علكة الاكسيليتول (يذكر أن هذه العلكة آمنة للأطفال في سن السادسة فما فوق).
وأخيرًا، من الحكمة أن تحدي من شرب طفلك للصودا، لأنها تحتوي على كمية كبيرة من السكريات. تقول والدة جيك إنه «رغم أن الطفل لم يكن يشرب كثيرًا من الصودا فإنه كان يشرب العصائر طوال الوقت. ولكنه الآن يشرب كمية من الماء تفوق كمية العصير، كما تخلى عن الحلوى التي كان يمضغها يوميًا. ولم يقاوم جيك التغيير في حميته كما بين آخر فحص أجراه أن فمه خال من التجويفات الجديدة». وتضيف: «أعتقد أننا في الطريق الصحيح نحو المحافظة على صحة الأسنان».