مخاطر
الألعاب الإلكترونية

جهل الأسرة بتصنيفاتها وأسرارها يجعل مخاطرها أكبر على أطفالنا.

حمد بن مشخص العتيبي
مدير العلاقات والإعلام الصحي
مجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض.

 

جائزة النجاح للأبناء, معها ترتفع أسعار الألعاب الإلكترونية وأجهزة الاتصال, وتأتي في مقدمة هدايا النجاح وبنسبة عالية جدًا, ولأن كثيرين يغفلون عن اختيار هدية أخرى ذات مردود أفضل تتجه الأنظار إلى العالم الافتراضي الإلكتروني، وغالبًا ما يحدد الطفل اسم اللعبة لوالديه ثم يأخذاه لأقرب محل إلكترونيات ليختار ما يشاء, وإن كان هناك رقابة فإنها لا تتعدى النظر إلى الغلاف لمعرفة إن كان شريط سيارات أم كرة قدم أم معارك! غالبًا ما تغفل الأسرة عن البحث في رموز الألعاب وتصنيفاتها العمرية، وهل هي مناسبة لشخصية الطفل أم لا. وحينما يحدث مثل هذا السيناريو الاجتماعي والمنتشر بقوة تكون سلبيات هذه الألعاب أكثر من إيجابياتها، وتصبح المخاطر فيها مضاعفة، وتكون الأسرة غير واعية بتأثيرها في شخصية الطفل وسلوكه وتفكيره.
خلال زيارة أحد الأصدقاء وجدت ابنه البالغ من العمر ثماني سنوات يلهو بلعبة بلاي ستيشن (سباق سيارات) سألت زميلي عنها فقال لعبة حلوة ويستمتع بها، فقلت ما رمزها؟ فاستغرب من سؤالي، ولدى قراءتي تصنيفها وجدت أنها تحوي مخالفات قيمية وأخلاقية ودينية, وبعد أن شرحت له طريقة المنافسة في اللعبة وكيف أن فيها ممارسات غير أخلاقية لا بد أن يقوم بها اللاعب أمسك برأسه من هول المفاجأة! لقد كانت اللعبة تقوم على المسابقة في إيصال أكبر عدد من بائعات الهوى إلى زبائن افتراضيين.

تعليم الجريمة والتدمير
في بحث موسع قام به فريق علمي يرأسه الدكتور عبدالله الهدلق بجامعة الملك سعود، أظهرت النتائج أن بعض الألعاب الإلكترونية قد تقود بعض اللاعبين إلى ارتكاب عدد من الممارسات السلوكية السلبية منها: التلفظ بعبارات غير لائقة، والمخاصمة بين اللاعبين، وقيادة السيارة الحقيقية بطريقة متهورة، والكذب، و السرقة، وانتشار الجرائم في المجتمع. ويوافقه الرأي في هذا الجانب الباحث فهد العييري وهو الذي قدم ترجمة للتصنيف العالمي للألعاب والذي يقول: عندما بحثت بين ثنايا إحدى الألعاب المتداولة في السوق السعودي وجدت أنها تحتوي على مشاهد دماء, ومحتويات لا أخلاقية، واستخدام للمخدرات. وهناك لعبة وجدت لها رواجًا إلى جانب كثير من الألعاب, وهي لعبة عن الحرب والجريمة تتضمن ثقافة القتل وأجواء الحروب والدماء, وفيها كذلك تحدٍّ أو شروط لاجتياز بعض المراحل, من بينها أن اللاعب يقتل مسلمين وينتهك حرمات المساجد!

شروط اختيار الألعاب
من هذا الواقع وهذه الدراسات تبرز أهمية التنبه إلى أن شراء الألعاب وأجهزة التواصل ليست الهدية الوحيدة والأفضل للأبناء، خصوصًا للعائلة التي يصعب عليها حسن اختيار نوعية الألعاب، بل هي وسيلة واحدة من ضمن عدة وسائل قد تفرحهم وتحقق الفائدة، وهناك بدائل مثل الاشتراك في دورات تطويرية، ورحلات، وبرامج استثمار المهارات والهوايات، إلى جانب تعلم السباحة، وركوب الخيل، وغيرها من الرياضات التي يحبها الأبناء متى ما اشتركوا فيها، وكذلك السفر برفقة الأهل.
يشترط في اختيار الألعاب الإلكترونية ألا تحوي ممارسات مباشرة لمحظورات شرعية أو أخلاقية أو قيمية، وألا تكون دافعة على العدوان والعنف، وأن تساير هذه الألعاب خصائص المرحلة العمرية للأبناء، وأن تكون في الغالب ألعابًا جماعية حتى لا تنمي الفردية لدى الأبناء، مع ضرورة أن تقوم الأسرة بغرس القيم الحميدة في نفوس الأبناء، ومراقبة الله، عز وجل، في السر والعلن، وتعزيز الرقابة الذاتية في نفوسهم.

المخاطر الصحية والسلوكية
في جانب آخر، فإن الإفراط في استخدام الألعاب الإلكترونية لدى الأطفال يتسبب في إصابتهم بمشاكل السمنة، وتحذر دراسات عدة أيضًا من حدوث نوبات من الصرع عند بعضهم, ويزيد احتمال إصابة الأطفال بمرض ارتعاش الأذرع , وأحيانًا بالقلق والاكتئاب, والإصابة بقصر النظر أكثر من غيرهم, ووجود آلام مبرحة في أسفل الظهر تؤثر سلبًا في نوم الأطفال وصحتهم وأداء أنشطتهم, وكذلك الضعف الدراسي الشديد, والعصبية، والسلوك العدواني, إضافة إلى تعلم الألفاظ غير المقبولة.

الاختيار الدقيق
لأن الأسرة تقع تحت ضغوط الطفل غالبًا فإن من أهم النصائح أن منع الأطفال لن يجدي وليس هو الحل لهذه الإشكالية، فكل ممنوع مرغوب، ولكن يجب على الأسرة أن تحسن الاختيار وأن تحدد أوقاتًا معينة لأطفالهم لممارسة الألعاب وأجهزة التواصل مع المتابعة المباشرة وغير المباشرة, وتعليمهم اختيار إيجابياتها والبعد عن سلبياتها, وكذلك مشاركة الأطفال اللعب، وشغل أوقات فراغهم بهوايات جديدة مثل ممارسة الرياضة، وإقامة الرحلات، وقراءة القصص وغيرها
.