طفلي مصاب بالربو

قد تخيفك إصابة ابنك بمرض الربو ولكن هذه النصائح الثمينة التي تقدمها طبيبة أطفال وأم عاشت التجربة قد تجعلك وابنك تتنفسان الصعداء.

كلير ماكارثي
Claire Macarthy

إن رؤية طفل يعاني الربو وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة قصوى مشهد محزن. ومن خلال عملي طبيبة رأيت هذا الموقف مرات لا تحصى ولا تعد، ولكن ذلك لا يخفف البتة من وقعه في نفسي، كما شهدته كأم أيضًا، فأكبر أبنائي كان يشكو مرض الربو وكان يسعل ويتنفس بصعوبة عندما يمارس تمارينه الرياضية. وكنت أنزعج في كل مرة يذهب فيها إلى حصة السباحة في مدرسته الابتدائية ثم الإعدادية، ولذلك كنت أتمنى لو كان بإمكاني أن أفعل شيئًا أضع به حدًا لهذه المشكلة.
تقول مراكز مكافحة الأمراض والوقاية إن طفلاً من بين عشرة أطفال يعاني الربو، وإن الأرقام تكون أعلى من ذلك في المناطق الحضرية وعند بعض المجموعات العرقية. إلا أن تشخيص المرض ليس صعبًا، وخلال السنوات العشرين التي عملت فيها طبيبة أطفال تطوّر استيعابنا وطرق علاجنا للمرض كثيرًا. وبإمكان الآباء التعاون مع الأطباء بطرق شتى لمساعدة أطفالهم.

متى تتعكر حالة الشعب الهوائية؟
لفهم هذه المسألة لا بد أن نعرف كيف تبدو الرئتان من الداخل، فهما ليستا بمنزلة كيسين كبيرين يمتلئان هواء عندما نتنفس كما كنت أعتقد عندما كنت طفلة صغيرة، بل هما أقرب إلى إسفنجتين لهما هيكلان صلبان يتكونان من قنوات كثيرة تسمى الشعب الهوائية، وتكون هذه الشعب كبيرة الحجم في البداية وتسمى القصبات الهوائية، ثم تتفرع إلى شعب أصغر حجمًا وتسمى القصيبات. وعندما نتنفس يدخل الهواء حتى أصغر الشعب حجمًا حتى يقترب كثيرًا من الدم، ومن ثم يتحول الأوكسجين الموجود في الهواء إلى الدم.
عندما يصاب الطفل بمرض الربو تلتهب هذه الشعب الهوائية ثم تنتفخ، وكثيرًا ما يكون ذلك ردّة فعل إزاء شيء معين، ولا يستطيع الهواء الدخول. كلما ازداد التهاب هذه الشعب وانتفاخها ازدادت صعوبة التنفس، ما يؤدي إلى نوبة ربو. هناك أدوية سريعة المفعول وتسمى أدوية «الإغاثة» وهي تجعل العضلات التي بالشعب الهوائية تسترخي بينما تعمل الأدوية الأخرى المعروفة باسم «أدوية المراقبة» على تقليص الالتهاب. في بعض الأحيان تختفي أعراض الربو بسهولة، إما باستعمال الدواء وإما بالراحة أو تجنب جميع مسبباتها، ولكنها تستمر في حالات أخرى ما يجعل الطفل يحتاج إلى علاج إضافي أو حتى إلى دخول المستشفى.

إيقاف النوبات
قد يريحك أن تعرفي أن هناك أشياء يمكنك فعلها للحد من هذا الموقف الذي يصعب التعامل معه ظاهريًا. أولاً عليك أن تعرفي مسبباته التي قد تكون لدى بعض الأطفال عبارة عن حبوب اللقاح في فصل الربيع، أو القطط، أو الهواء البارد، أو دخان السجائر، بينما قد تسبب هذه الأزمة إصابة بالزكام أو ممارسة الرياضة لدى أطفال آخرين. إذا كانت القطط تجعل طفلك يلهث فحاولي تجنب الذهاب إلى المنازل التي توجد بها قطط.
قد لا يكون من السهل معرفة الأشياء التي تسبب حساسية ما لابنك، ولذلك فعندما أفحص مريضًا يشكو نوبات ربو متكررة غالبًا ما أرسله إلى اختصاصي الحساسية لإجراء الفحوص اللازمة. تكتسب المعلومات التي نحصل عليها من خلال تحاليل الدم أو وخز الجلد أهمية بالغة، ففي كثير من الأحيان يتبين أن الطفل يعاني حساسية من شيء لم يتوقعه أحد أو أنه لا يعاني حساسية أصلاً (وهذا يعني أنه ليس على العائلة أن تسهب في التنظيف أو أن تتخلص من القطط).
اتخذي خطة عمل لمواجهة الربو. حددي بدقة الأدوية التي يجب أن يأخذها طفلك ومواعيدها. تعتمد هذه الخطة على حالة الطفل نفسه. أما خطتي الشخصية فكانت تشتمل على ثلاث مناطق موزعة كالآتي: منطقة خضراء (أي أن ابنتي تتنفس بصورة طبيعية)، وصفراء (أي أنها تسعل أو تعاني عوارض أخرى خفيفة)، وحمراء (أي عندما تجد صعوبة في التنفس والكلام ويتقلص قفصها الصدري عندما تتنفس وتسعل دون توقف). أما أدوية المنطقة الخضراء فتضم العلاج الذي يتخذه طفلك بصورة يومية حتى وإن كان بصحة جيدة، وتشمل هذه القائمة أدوية المراقبة. وفي المنطقة الصفراء يمكننا أن نزيد أدوية المراقبة وأن نستعمل الألبيترول أو بعض أدوية الإغاثة الأخرى. وعادة عندما يكون الطفل في المنطقة الحمراء يتناول مزيدًا من أدوية الإغاثة خلال الوقت الذي تقومين فيه بالبحث عن مساعدة طبية. لكن حسب خبرتي، عندما يعي الآباء الأعراض التي تشير إلى أن الطفل في المرحلة الصفراء ويتبعون الإرشادات التي تتضمنها هذه المرحلة من الخطة فإن ذلك يساعد على منع تعكر حالته. استعملي أدوية المراقبة بالشكل الصحيح فهي تقي من ردة فعل الجسم إزاء مسببات الربو أو تحد منها، وذلك قد يحسّن وضع صغيرك بشكل ملموس. وهذه الأدوية تتمثل في معظمها في مادة الكورتيكوستيرويد ويتناولها المريض عن طريق جهاز الاستنشاق (inhaler) أو المرشة (nebulizer – وهي آلة تعمل عمل المرطب حيث تحول الدواء إلى رذاذ يستنشقه الطفل المريض).
ألاحظ أن بعض الآباء ينزعجون عندما أذكر كلمة «ستيرويد» ولكن عمومًا الجرعات التي نستعملها أقل من أن تسبب أي مشاكل. إذا تعرض الطفل إلى نوبة ربو خطيرة فإننا غالبًا نعطيه جرعات أكبر من الستيرويد الفمي لإيقاف اللهاث، هذه الجرعات قد تسبب آثارًا جانبية محتملة ويمكن تجنبها بالمواظبة على استعمال أدوية المراقبة بجرعات أخف. أما الأطفال الذين يعانون الحساسية فإن تناول الانتيهيستامين يوميًا أو استعمال بخاخ الكورتيكوستيرويد الأنفي قد يساعدهم كثيرًا.
إن الاستعمال اليومي السليم هو مفتاح فاعلية هذه الأدوية رغم أن استعمال الدواء كل يوم في حد ذاته قد يكون صعبًا للطفل. قد يظن بعض الآباء أن الدواء لم يعد ضروريًا خصوصًا إذا بدا الطفل في صحة جيدة. وكثيرًا ما أضطر إلى أن أذكرهم بأنه إذا كان الطفل في حالة جيدة فالفضل يعود إلى أدوية المراقبة.
تعلّمي أن تعطي طفلك الدواء بانتظام ودقة. إذا كان طفلك يستعمل جهاز الاستنشاق فلا بد من مكمل لهذا الجهاز وهو عبارة عن أنبوب واسع يرتبط بجهاز الاستنشاق و يقوم بدور القمع الذي يرسل الدواء مباشرة إلى رئتي الطفل بدلاً عن فمه أو حتى في الهواء حوله. أما الأطفال الأصغر سنًا يفضل استعمال المكمل مع قناع يقع تثبيته حول الأنف والفم، ومن ثمّ كل ما يجب على الطفل فعله هو أن يتنفس بعمق حتى يصل الدواء إلى المكان المنشود.