حافة العالم

المطل، منطقة جبلية تقع في بداية وادي حنيفة وتقطعها عدة أودية، وتعد جزءًا من جبل طويق.

إعداد وتصوير: عبدالعزيز محمد العريفي

منطقة المطل أو نهاية العالم أو حافة العالم القريبة من قرية العيينة التابعة لمنطقة الرياض، لا شك تصيب زائرها لأول مرة بالذهول والإعجاب الشديدين، لاسيما أنها تتميز بتلك التضاريس الاستثنائية فائقة الغرابة، فضلاً عن جمالها الخلاب، بطبيعة أشبه بالخيال منها بالحقيقة توحي لزائرها بأنه على كوكب آخر خارج المجموعة الشمسية.

الموقع
تقع منطقة نهاية العالم في بداية وادي حنيفة ذائع الصيت وقريبًا من شعيب الحيسية على بعد مئة كيلو متر من الرياض تقريبًا، وهي على شكل مطل ذي ارتفاع شاهق يناهز المئة متر، يطل على هوة سحيقة ذات مساحة هائلة ممتدة امتداد الأفق، يتخللها الكثير من الأودية والمرتفعات الصغيرة التي تشاهدها كما لو كنت تحلق في طائرة على ارتفاع شاهق، وتشبه إلى حد ما منطقة الجراند كانيون في ولاية أريزونا الأمريكية. تكمن غرابة المكان في كون الزائر يسير في منطقة شبه مسطحة ثم فجأة يقف على حافة هوة سحيقة تكاد تمتد إلى ما لا نهاية، وهذا ما دعا أحد الإعلاميين الأمريكان الذين زاروا المنطقة إلى إطلاق مسمى حافة العالم (إدج إف ذا ورلد) وترجم إلى اللغة العربية نهاية العالم والأصح هو حافة العالم.

موقع سياحي متميز
يتوافد على المنطقة الكثير من السياح من مختلف الجنسيات، خصوصًا من الجالية الأمريكية ليستمتعوا مع عوائلهم بروح المغامرة والمشي لمسافات طويلة، إلا أن بعضهم قد يتجاوز ذلك لتعريض حياته للخطر والمجازفة بتسلق الحواف الشاهقة هشة الصخور ما قد يعرضه للسقوط.

رحلة إلى الموقع
في يوم ربيعى يميل إلى الدفء من أيام سعد السعود وقد انتشرت قزعات الغيوم على صفحة السماء كنذير خير لمزيد من الأمطار في الأيام القادمة، خرجنا من الرياض بعيد صلاة الفجر متوجهين إلى العيينة وإلى المنطقة التي تحتضن حافة العالم على وجه التحديد، وهي منطقة صحراوية جبلية أحجارها جيرية تقطعها عدة أودية، أشهرها وادي حنيفة، ووادى الحيسية المشهور بأشجار الطلع العملاقة، والمنطقة برمتها كانت مغمورة بالمياه قبل ما ينوف على مئة وثلاثين مليون سنة، وتعد جزءًا من جبال طويق المشهورة والتي تمتد لأكثر من ألف كيلومتر، وحال وصولنا وعبورنا من بوابة أحد السدود المائية على وادي الحيسية الجميل، إذ بنا نفاجأ بأفواج السواح الأجانب وسيارات الجيب تمخر غباب حصباء الوادي وقد انطلقت تنشد حافة العالم، بيد أننا آثرنا الاستمتاع بوادي الحيسية وطلحه الوارف، وقد اصطبغت جوانبه بخضرة الربيع ونوار الأقحوان، وحالما استقر بنا المقام تحت ظل شجرة طلح عظيمة بدأنا بجمع الحطب لإشعال نار ذات شرر لإضافة نكهة خاصة مميزة لما طبخ عليها من مأكل ومشرب، ولم ننسَ جمع ما خف وزنه ولذ طعمه من نباتات الربيع الصحراوي (الجنى) كالحماض والبسباس والقراس والجهق (جرجير البر) والحواء وغيرها من النباتات التي تضيف نكهة مميزة لطبق السلطة، ناهيك مما تحويه من فوائد عظيمة للإنسان بغناها بالفيتامينات والمعادن. وبعد الانتهاء من تناول طعام الإفطار الشهي شددنا الرحال مرة أخرى لنكمل المشوار لمنطقة حافة العالم يحدونا الفأل غير آبهين بشؤم ذلك المسمى.. وبعد أميال من المهاد والسهاد وصلنا المنطقة المنشودة فوجدناها تعج بالسياح الأجانب، ونقصد بالأجانب هنا السواح غير العرب، يقف عدد كبير منهم على الحافة الرئيسة وقد تراجعوا خطوات بسيطة كردة فعل فطرية خشية السقوط في الهاوية السحيقة التي ما أن تقع عيناك عليها حتى تكاد تقف أنفاسك من شدة عمقها واتساعها وشموخ حوافها، إنه حقًا منظر مهول يشد الأنفاس ويحمل ذات المواصفات العالمية التي طالما سمعنا عنها كشلالات نياغرا، والغراند كانيون، وكهف ماليزيا، وقمة كورفين في سويسرا، وغيرها من أعاجيب الطبيعة، ثم بدا لنا تسلق بعض المرتفعات الجانبية لرغبة جامحة للمغامرة وإثبات الذات للآخر، فوفقنا لرؤية المزيد من المناظر الخلابة التي تشعرك وكأنك تطل من نافذة طائرة تحلق في غمام السماء. ويرتاد المطل الكثير من هواة تسلق الجبال من العرب، ومن الجاليات الأجنبية، وهواة التحليق بالطائرات الخفيفة. وتنتشر المخيمات حول المنطقة، خصوصًا في فترة الربيع للاستمتاع بالأجواء الربيعية، وممارسة شتى أنواع الرياضات الخفيفة، خصوصًا رياضة المشي.

مشاريع لتطوير المطل
لقد تقرر تحويل منطقة حافة العالم وما حولها، خصوصًا وادي الحيسية، إلى متنزه طبيعي متكامل الخدمات لسكان مدينة الرياض، وذلك بتكاتف الهيئة العامة للسياحة والآثار مع هيئة تطوير مدينة الرياض، اللتين دأبتا على تبني مثل هذه المشاريع في منطقة الرياض والمناطق التابعة لها أسوة بالمناطق الأخرى في جميع أنحاء المملكة، وتهيئتها وفق أحدث المواصفات العالمية لاستقطاب الزوار والسياح بطريقة تليق بمكانة المملكة كبلد سياحي يعج بالأماكن السياحية والمواقع الأثرية.
من الأماكن المهمة التابعة للمنطقة نفسها قرية سدوس التي تقرر إعادة ترميم مبانيها القديمة وتأهيلها لتكون موقعًا سياحيًا وتاريخيًا يؤمه السياح. وسدوس هي القرية التي ورث الحطيئة نخيلاتها من أخواله من بني ذهل، فقال يمدحهم:
إن اليمامة خير ساكنيها
أهل القرية من بني ذهل
والمنطقة بشكل عام كانت موطنًا لشعراء كبار، أمثال زهير بن أبي سلمى، والأعشى، وجرير، وذي الرمة، والزبرقان، والعباس بن الأحنف، وغيرهم..