متلازمة النفق الرسغي

بقلم: محمد سعيد المولويبقلم: محمد سعيد المولويتبدأ أعراضها بالخدر، وتزداد إلى الشعور بالوهن باليد والضمور في عضلات اليد.

د. ياسر العمري
استشاري جراحة العظام واليد

تبدأ أعراض متلازمة النفق الرسغي بالإحساس بالتنميل والخدر في كلتا اليدين، وتزداد حدة الألم خلال ساعات الليل. وهذا الألم يوقظ المصاب من النوم، وقد يحس المريض بالأعراض نفسها عند الاستيقاظ وهو شعور مشابه لوخز الدبابيس أو الإبر.

هذا الإحساس هو نفسه ما يحدث عندما ينام الشخص على يديه ولدى استيقاظه يحس بالخدران في يده. والوخز قد نلاحظه عندما نحاول أن نمسك أشياء مثل الهاتف، أو قيادة السيارة، خصوصًـا عندما نطيل في مكالماتنا، أو خلال قيادتنا للسيارة لمسافات طويلة وساعات ممتدة.
نفق الرسغ هو ممر ضيق على جهة راحة اليد يبدأ من المعصم الذي يتكون من العظام والأربطة. والعصب المتوسط وهو الذي يسيطر على الإحساس والحركة في الإبهام والأصابع الثلاثة الأولى، ويمر عبر هذا النفق جنبًا إلى جنب مع الأوتار إلى الأصابع والإبهام. عندما ينضغط ضمن النفق، يحدث لدينا خدر أو وخز أو ضعف أو ألم في اليد. والنفق الرسغي يتكون من عظيمات الرسغ. وهي كأرضية، والرباط الرسغي المستعرض كسقف للنفق. ومن خلاله تمر الأوتار القابضة لليد. وعندما يزداد الضغط في النفق لأي سبب من الأسباب يتأثر بها العصب الأوسط وتظهر أعراض متلازمة النفق الرسغي. وتبدأ أعراضه بالتنمل الذي يصيب غالبًا الإبهام والسبابة والوسطى. وقد تفضي الأعراض إلى الشعور بالوهن باليد، والضمور في عضلات اليد، وبخاصة قاعدة الإبهام. وقد تكون الأعراض مؤقتة، أو قد تستمر وتزداد سوءًا بزيادة الألم وحدته. وغالبًا ما يصاب بمتلازمة النفق الرسغي النساء بنسبة أكبر من الرجال تصل إلى ثلاث مرات، خصوصًا خلال العقدين الرابع والخامس. وهناك عدة أسباب للإصابة بمتلازمة النفق الرسغي. ويمكن تقسيم تلك الأسباب إلى أسباب مباشرة، وهذه الأسباب غير معروفة حتى وقتنا رغم التقدم الكبير في المجال الطبي. وأسباب غير مباشرة، وهذه تتمثل في بعض الأمراض التي تزيد من احتمالية الإصابة به أو حدوثه. ومن تلك الأمراض: السمنة، واضطرابات الغدة الدرقية، والسكري والحمل، وارتفاع ضغط الدم، ومتلازمة ما قبل الحيض، والفشل الكلوي. وكذلك حدوث الكسور، والنقرس والتهاب المفاصل الرثياني، والتواء المعصم أو كسره. وحالات أخرى مختلفة يمكن أن تؤدي إلى ترسب الأنسجة في النفق الرسغي، مثل الدهون، أو تراكم السوائل، كما يحدث في أثناء الحمل، والتي تزيد من الضغط في النفق الرسغي. والأشخاص الذين يقضون فترات طويلة أمام أجهزة الحاسوب ويستخدمون لوحة مفاتيح لساعات طويلة هم من أكثر الأشخاص عرضة للإصابة بهذا المرض، خصوصًا إذا كانوا من النساء. يمكن التأكد من الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي من عدمه عن طريق التشخيص، والتي تتضح من خلال الأعراض التي يعانيها المريض وبإجراء بعض الاختبارات السريرية، وتأكيد التشخيص بوساطة دراسة التوصيل العصبي وهذا يتم بالتأكيد بعد استبعاد أي مسببات أخرى للأعراض المشابهة، سواء في الرقبة، أو الكتف، أو المرفق. وعلاج متلازمة النفق الرسغي يعتمد على حدة الأعراض بالدرجة الرئيسة، والمسببات المرضية الأخرى مثل اعتلالات المفاصل والسمنة والحمل، أو الاضرابات الهرمونية التي بعلاجها قد تساعد على علاج متلازمة النفق الرسغي.
معظم الحالات تستجيب للعلاج التحفظي الذي قد يشتمل على مثبتات الرسغ، بطريقة تخفف الضغط في النفق الرسغي، وتعديل وضعية المكتب، ومستوى ارتفاع كرسي المكتب الذي يتم الجلوس عليه في أثناء العمل، ووضعية اليد على لوحة المفاتيح الخاصة بأجهزة الحاسوب حتى يكون الرسغ في وضعية مريحة. ويمكن استخدام الكمادات الباردة مع تناول فيتامين B6، بالإضافة إلى الأدوية المخففة لحدة الألم والالتهابات. في الحالات التي لا تستجيب للعلاج التحفظي أو كانت حدة الأعراض شديدة، فإن الحل الجراحي هو الأنسب من أجل أن يتخلص المريض من آلامه، وخلال العملية الجراحية يتم شطر الرباط الرسغي المستعرض وتتم العملية الجراحية بوساطة جراحة مفتوحة أو عن طريق المنظار، وفي الغالب تتم هذه العملية تحت التخدير الموضعي. وهذه العملية الجراحية يمكن إجراؤها لأحد الرسغين أو كليهما في الوقت نفسه. في الغالب يستطيع المريض بعد إجراء هذه العملية أن يعود إلى ممارسة حياته بشكل طبيعي خلال فترة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع كحد أقصى. وينصح المريض بأن يقوم بتحريك اليد والأصابع عقب العملية الجراحية، والمواظبة على الحركة الدائمة للحفاظ على ليونة المفاصل، ولتجنب الإصابة بالتورمات (الوذمات). ويمكن الاستقادة من اختصاصي العلاج الطبيعي بتعلم تمارين التمديد، وتقوية العضلات للمساعدة على منع الألم، والحيلولة دون عودة الضعف مرة أخرى للرسغ، ولتجنب عودة الأعراض مرة أخرى. وممارسة «اليوغا» يمكن أن تقلل من الألم وتحسن من قوة القبضة. فقد أثبتت دراسة حديثة أن ممارسة اليوغا لثمانية أسابيع ساعدت على تقوية الرسغ والحفاظ على التوازن في المفاصل، وحققت نتائج أفضل من المرضى الذين استخدموا جبائر المعصم. أما في حالة عدم إجراء عملية جراحية فإن حالة المصاب بمتلازمة النفق الرسغي تزداد سوءًا، وتؤدي إلى تغييرات غير رجعية، والتي تظهر في ضعف اليد، وضمور العضلات، والتي لا يمكن أن تستعاد بعد إجراء العملية الجراحية في الغالب.