![]() |
||||||||
أسباب النجاح والتميز
ياسر الصالح • يعد المهندسون من بين أكفأ المرشحين لتولي المناصب القيادية العليا، وذلك بفضل مؤهلاتهم الأساسية القائمة على الاهتمام الدقيق بالتفاصيل، والمهارات التحليلية والقدرات الممنهجة لحل المشكلات. وجدت إحدى الدراسات التحليلية التي أجرتها مؤسسة LeadingCompany الاستشارية أن من بين رؤساء أكبر 50 شركة في أستراليا هنالك العديد من حملة الشهادات في الهندسة، إلى جانب المختصين طبعًا في التجارة والاقتصاد. ولا يقتصر ارتقاء المهندسين إلى قمة المناصب الإدارية على التكتلات العاملة في ميدان المناجم والتعدين فحسب. ففي شتى أرجاء العالم، تتحول التوليفة التي تجمع الدراية الهندسية الماهرة مع شهادة في إدارة الأعمال من كلية علمية مرموقة، إلى سبيل شائع للوصول إلى أعلى المستويات الإدارية. قائمة المهندسين المتربعين على قمة الشركات الكبرى طويلة: بدءًا من ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة «ميكروسوفت»، مرورًا بماري بارا في شركة «جنرال موتورز»، وجيف بيزوس الذي يقود شركة «أمازون» والقائمة في ذلك تطول. في الحقيقة، مثلت الهندسة، منذ عهد بعيد، التخصص الجامعي الأكثر شيوعًا بين الرؤساء التنفيذيين على لائحة مجلة «فورتشن» لأكبر 500 شركة. حتى كلاوس شواب، مؤسس «المنتدى الاقتصادي العالمي» ورئيسه التنفيذي، يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة. مشكلات في الصورة الذهنية الشائعة | على الرغم من تاريخ الهندسة الطويل والمجيد –ولنفكر في مهندسين من أمثال توماس إديسون، وجون فرانك ستيفنز، وهنري فورد، وهيربرت هوفر- إلا أن مشكلات في الصورة الذهنية النمطية علقت بالمهنة. صحيح أن المهندسين عدّوا غالبًا من الخبراء المتمكنين من التقنية والمتفوقين في الرياضيات والفيزياء، إلا أن كثيرًا منهم يتمتعون بجملة من السمات والسجايا والخصائص المقبولة اجتماعيًا التي تكسبهم في نهاية المطاف احترام مجالس الإدارة. وعلى وجه العموم، تبين أن المهندسين يتميزون بالانتباه للتفاصيل، والقدرة على حل المشكلات، والتعامل مع الأرقام، وإدارة المخاطر، والتحليل. الوضع أكثر إغراء في المهن الأخرى | إذًا، ما الذي يدفع المهندسين إلى مغادرة مساراتهم المهنية الأكثر ارتباطًا بالتقنية، والتوجه إلى الإدارات العليا في الشركات؟ من بين أكثر من 300 إجابة عن استطلاع الآراء الذي أجريته على الشبكة الإلكترونية، وشمل 1280 من كبار الرؤساء التنفيذيين الذين يحملون شهادات في الهندسة، مثل المال السبب الرئيس الذي ذكرته الأغلبية الساحقة منهم. بداية آمنة | أشارت مجموعة أخرى من المهندسين إلى أن بؤرة اهتمامهم تغيرت بعد إدراك أن الوظيفة التقليدية للمهندس ما عادت تشبع رغباته التي قادته في المقام الأول إلى المهنة. وفي الحقيقة، اكتشف بعضهم أنه لم يرغب رغبة فعلية في احتراف الهندسة أصلاً. لكن من المفروض أن يلتحق الطلاب المتفوقون بكلية الطب أو الهندسة وفقًا للحكمة السائدة في كثير من أصقاع العالم، ولا سيما في البلدان النامية. كما ينتشر على أوسع نطاق افتراض يشير إلى أن دراسة الطب أو الهندسة أشد صعوبة بكثير من التخصصات الأخرى مثل العلوم الإنسانية والاجتماعية. ونظرًا لأن المهندسين يتمتعون بأدنى مستوى من البطالة، مثلما اعترف بعض المديرين الذين استطلعت آراؤهم، عُدّت الهندسة على الدوام نقطة انطلاق آمنة، فضلاً عن أنها تزود الخريجين بمجموعة من المهارات التي لا يمكن تزويرها، مهارات تفتح الباب واسعًا أمام التقدم المهني. «طريقتهم» و«الطريقة الخاطئة» | من نتائج الاستطلاع المكتشفة التي تخالف البداهة أن معظم الرؤساء التنفيذيين لم يصلوا إلى مناصبهم عبر عملية ارتقاء السلم الوظيفي، المهني الطبيعي، بل عبر السعي الفاعل لتولي دور إداري. والحقيقة أن المهندسين ترقوا غالبًا على أساس إنجازاتهم الهندسية ومؤهلاتهم التقنية، لا قدراتهم الإدارية. ومن التعقيدات والمضاعفات التي أهملت غالبًا لمثل هذه الممارسات نزعة المهندسين إلى الاعتقاد بوجود «طريقتهم» و«الطريقة الأخرى (الخاطئة)». وهذا يفسر في الواقع لماذا يميل المهندسون الذين أصبحوا رؤساء تنفيذيين إلى عدم تفويض غيرهم بأداء المهمات، وإلى تبني أسلوب الإدارة التفصيلية في العمل. • يحمل ياسر الصالح، كبير الباحثين في مبادرة إنسياد للابتكار والسياسة، شهادة عليا في الهندسة وعمل سابقًا في صناعة النفط.
| ||||||||
|
||||||||
![]() |
![]() |
![]() |