اعتزاز بلا غرور

تتحدث ابنة أخي ذات الخمسة أعوام بمنتهى السعادة عن مدى ذكائها، أو عن الأشياء التي تتفوق فيها على أصدقائها على غرار الرسم والكتابة. والواقع هو أنّ الخبراء يعدّون التباهي سلوكًا طبيعيًا لدى الأطفال في الخامسة من العمر وما فوق. فبحسب د. ستيفاني ميهالس Stephanie Mihalas، اختصاصية علم النفس ومؤسِّسة مركز الرفاه في لوس أنجلس، إذ يحاول الأولاد اكتشاف الفوارق بينهم وبين الآخرين، يقومون بمقارنة مهاراتهم وإنجازاتهم حتى ممتلكاتهم المادية. وعلى الرغم من أن هذا التصرف لا يكون في العادة بدافع الخبث، إلا أنه قد يزعج الآخرين. دعي هذه النصائح تساعدك على كبح جماح طفلك عندما يتعلق الأمر بتعداد خصاله.

أوضحي الفكرة
لا يفهم معظم الأطفال في عمر الخامسة والسادسة معنى التباهي ولماذا يُعدّ سلوكًا غير محبّب. ابدئي حديثك بتفسير مفهوم التباهي واشرحي كيف أنه يجرح شعور الآخرين. وتقترح د. ميهالس أن تقولي لصغيرك: «التباهي هو عندما تتحدث عن جميع الألعاب الجميلة التي تملكها، وعن تفوّقك على أصدقائك في القيام ببعض الأشياء. وقد يؤدي هذا إلى جرح مشاعر الناس، لأنهم ربما لا يملكون الألعاب نفسها، أو لا يستطيعون فعل الأشياء بمهارتك نفسها». جرِّبي، أيضًا، أن تقرئي له كتبًا من مثل Well, I Can Top That! (أستطيع التفوُّق على ذلك!) للكاتبة جوليا كوك Julia Cook أو I’m the Best (أنا الأفضل) للكاتبة لوسي كوزينز Lucy Cousins. كما يمكنك أن تؤدّي مع طفلك أدوارًا مختلفة ثم تسأليه: «كيف يشعر هذا الشخص برأيك؟» أو «كيف ستشعر لو كنت مكانه؟». فستساعد هذه الطرق طفلك على إدراك مفهوم التباهي وفهم تأثيره في جميع مَنْ حوله.

راقبي ما تقولينه
كانت راشيل رودريغز Rachel Rodriguez، وهي أم لطفلين من بالم سبرينغ Palm Spring في كاليفورنيا، تشعر بالانزعاج عندما تقوم صديقة ابنتها ذات الخمسة أعوام بالثرثرة عن تفوُّقها في القراءة والحساب. وحدث أن قابلت راشيل أم الفتاة، فوجدتها هي أيضًا لا تكفُّ عن المفاخرة بأعمالها التطوعية. من الواضح إذًا أن الأولاد يقلِّدون آباءهم. لذا كوني متواضعة وحاولي ألا تقارني طفلك بأولادٍ آخرين أو بإخوته. هذا لا يمنعك من الثناء على طفلك، ولكنّ الإطراء المستمر وكلمة «أحسنت» قد يفقدان معناهما مع الوقت، ويجعلان أولادك يعتقدون أنهم يستحقون التقدير على كل شيء بحسب ما توضح د. ميهالس. عوضًا عن ذلك، كوني دقيقة في مديحك وقدِّري الجهد المبذول لا النتيجة النهائية. قولي لطفلك مثلاً: «لا شكّ في أنك فخورٌ بنفسك. أنت تتعلم الكثير من الكلمات الجديدة» أو «هذا رائع، لقد أصبح البرج الذي تبنيه عاليًا!». فالمديح الصادق في الوقت المناسب يكون أكثر فعالية ولا يحوّل طفلك إلى عاشق للاهتمام.

ركِّزي على الهدف
إنّ الطفل الذي يتمتع بقدر كاف من احترام الذات يشعر بالرضا عن النفس، فيما يعتمد الطفل المتبجح على ردِّ فعل الآخرين لكي يشعر بالسعادة. ومن هنا، عندما تسمعين طفلك يتباهى بنفسه، فكِّري فيما يحاول إنجازه. وتقول د. ميهالس: «إذا سألتِ طفلاً لماذا يتباهى، فسيقول على الأغلب إنه لا يعرف، أو إنه لم يكن يتباهى». لذا من الأفضل أن تتحدَّثي عن الموضوع دون ذِكر التصرُّف المتبجِّح (قولي مثلاً: «لاحظت أنك كنت متضايقًا في الحديقة عندما قال صديقك إنه يستطيع القفز عاليًا»). بهذه الطريقة تتوصَّلين إلى إدراك هدف طفلك، فتساعدينه على التفكير في حلول إيجابية لبلوغه.
أدركت أنجيلا هدل Angela Hadl، وهي أم من نيويورك، أن ولديها (5 سنوات و6 سنوات) يحاولان أن يتفوق أحدهما على الآخر من أجل كسب اهتمام والدَيهما أو أختهما الكبرى. وتقول أنجيلا: «سواء أكان التنافس على رسم الصورة الأجمل أم التدلي لفترة أطول من السرير العلوي، دائمًا يصرخان بأعلى صوت أن كلاً منهما أفضل من الآخر». لكن إعطاء الولدين الشعور بالتميُّز، عن طريق قضاء الوقت مع كل طفل بمفرده، قد ساعد على حل المشكلة.

قومي بأعمال الخير
على الرغم من أن الأطفال في سنّ الحضانة مبتدئون في تعلُّمهم عن المال، فليس من البعيد عليهم مقارنة الأحوال المالية والممتلكات المادية. لذا ينصح الخبراء بالتحدّث إليهم عن التواضع وعن أهمية مساعدة الغير. كما أنّ تشجيع طفلك على المشاركة في أعمال خيرية أو تطوعية، مثل التبرع بالألعاب القديمة والثياب للأطفال المحتاجين، سيعلِّمه التواضع والتعاطف مع الآخرين، بحسب ما تؤكد هيلين ف. نيفيل Helen F. Neville، مؤلفة كتاب Is This a Phase? Child Development & Parent Strategies, Birth to 6 Years (هل هذه مسألة عابرة؟ نمو الأطفال واستراتيجيات الأهل، من الولادة حتى عمر ست سنوات).

أظهري موقفك
من الطبيعي أن يودّ طفلك نشر أخباره الحسنة أحيانًا. بل إنّ مقدرته على إظهار مميزاته ستكون مفيدة له في المستقبل (في مقابلات التوظيف على سبيل المثال). ولكن يمكنك لفت نظره لكي يتنبَّه إلى التوقيت والموقف والأشخاص الذين يحادثهم، بالإضافة إلى ردود فعلهم. يمكنك مثلاً أن تقولي له: «إنه لأمرٌ لطيف أن تخبرني أنا أو جدَّتك عن سعادتك لفوزك بجائزة أفضل تلميذ. ولكن لو تحدَّثتَ عنها لصديقٍ لم يحصل عليها فقد تجرح مشاعره». والْفِتِي انتباهَه إلى أن أصدقاءه قد لا يرغبون في مصاحبة شخص يزعجهم. وإذا تكرَّر التبجُّح بشكلٍ ملحوظ، فاتَّفقي مع ابنك على إشارة، كشدَّة خفيفة لأذنك، لتنبيهه إلى أنه يتخطّى الحدود. لن يمنعه كل هذا من الوقوع في الخطأ أحيانًا، ولكن بقليلٍ من الصبر يمكنك السيطرة على مديحه الزائد لنفسه.