عودة

الرئيس التنفيذي للتسويق

ستيفن وينبرج الحائزالتقارب المتسارع بين البيولوجيا والهندسة يدفع

علىمارتين رول
خبير استراتيجي في مجالات الأعمال والعلامات التجارية، ومؤسس شركة مارتين رول، وهو مؤلف كتاب: Asian Brand Strategy

كُتبت مجلدات في تأبين وفاة منصب الرئيس التنفيذي للتسويق، وتم تقديم أسباب كثيرة لتلك الوفاة. ما حدث، في الواقع، هو أن دور الرئيس التنفيذي للتسويق كان قد تعرّض لعملية تحول هائلة، بما يجعل الدور القديم نسيًا منسيًا.
إن الرئيس التنفيذي للتسويق ما زال نافذ التأثير، لكن ما يفعله وما ينبغي له أن يفعله لقيادة مؤسسته على طريق النمو، قد تغيّر على نحو جوهري.
ثمة أمران جوهريان يختلف فيهما الرئيس التنفيذي للتسويق الناجح والكفء اليوم مقارنة بما كان عليه الوضع قبل خمسة أعوام. ويكمن هذان الأمران في التركيز إلى أعلى الدرجات على الزبائن، وفي التأثير الأعلى مستوى في مجلس الإدارة وفي مكتب الرئيس التنفيذي.

احتياجات الزبائن | إن التركيز على الزبائن لهو نطاق أوسع يتجاوز فهم أساليب أبحاث المستهلك المبتكرة الحديثة، والتطبيقات الرقمية، والتحليلات، والبيانات الكبيرة وخبرة المستهلك. ذلك أن فلسفة التركيز على الزبائن تحتاج إلى أن تُغذى وتُشرَّب، وأن تجعل بوصلة لرسم استراتيجيات النمو الحالية والمستقبلية. لقد أصبحت المسؤولية الرئيسة اليوم ملقاة على عاتق الرئيس التنفيذي للتسويق لتشكيل الفلسفة في مؤسسته وتطويرها. ذلك كله يتطلب من الرئيس التنفيذي للتسويق أن يثقف نفسه بأحدث أدوات قياس صوت الزبون وأساليبه، كما يتطلب ذلك أن يفهم بالتفصيل التأثير المعرقل للمنصات والقنوات على شبكة المعلومات في سلوك الزبون الشرائي. غير أن ذلك لا يعني مطلقًا أن ذاك هو دور الرئيس التنفيذي للتسويق فحسب. فالجانب الأكثر أهمية في الفلسفة تلك إنما هو تغيير العقليّة. على الرئيس التنفيذي للتسويق أن يبدأ بهذا التغيير ويعمل على تطبيقه في المؤسسة. ذلك أن عقلية التركيز على الزبائن هي المحرض الرئيس للأدوات للعمل على نحو فعال، وللأقسام والوظائف كي تتعاون وتعمل بانسجام، والمحرض الرئيس للمؤسسة لتكون قادرة على القراءة المستمرة والدقيقة لنبض الزبائن.
ليس بوسع مؤسسة تركز على الزبائن العمل على نحو مؤثر، وتحقيق أهدافها إلا إذا توافرت لديها قيادة عليا للمساندة والتوجيه. وعلى الرئيس التنفيذي للتسويق قيادة هذا الجانب، بمساندة مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي. وهذا الأمر ينقلنا إلى البعد الثاني الذي يحتاج الرؤساء التنفيذيون للتسويق اليوم إلى فعله على نحو يختلف عما كان يفعله نظراؤهم من قبل، وهو ما يعين على التأثير إيجابيًا في مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي ويضمن مساندتهم.

التأثير في مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي | يعدّ الرئيس التنفيذي للتسويق الناجح في بيئة الأعمال المعقدة اليوم عضوًا أساسيًا ومشاركًا في اتخاذ قرارات مجلس الإدارة في كل الآماد القصيرة والوسيطة والطويلة. لم يعد الرئيس التنفيذي للتسويق منفذًا لقرارات المجلس أو الرئيس التنفيذي. وينبغي للرئيس التنفيذي للتسويق التأثير، ليس في عملية صنع القرار فحسب، بل ينبغي له أن يطرح الموضوعات وجداول الأعمال ذات الصلة أمام المجلس للنظر فيها. على أن ينسجم ذلك كله ويعكس فلسفة التركيز على الزبائن والرؤية التي يطبقها الرئيس التنفيذي للتسويق ضمن المؤسسة.
يستتبع تطور دور الرئيس التنفيذي للتسويق استشراف ما يتجاوز قرارات التسويق التقليدي ذات الصلة والدفع بمبادرات بناء العلامات التجارية في المؤسسة. من أكبر الأضرار التي صاحبت الطبيعة المتغيرة لدور الرئيس التنفيذي للتسويق زيادة عبء بناء العلامات التجارية الناجحة وإدارتها. إن بناء العلامات التجارية لهو هدف مهم لأي مؤسسة اليوم، ذلك أن نقاط التمايز قد تصبح غير واضحة بسرعة. إن وجود علامة تجارية قوية يلعب دورًا قويًا في مواجهة القوى المنافسة.
أما دور الرئيس التنفيذي للتسويق في مجلس الإدارة الآن فهو دور القائد الذي يحتاج إلى أن يوازن بين استراتيجية المؤسسة في النمو بالتركيز على الزبائن، والأهداف المالية والتشغيلية، وتوقعات المساهمين. هنا يحتاج الرئيس التنفيذي للتسويق إلى أن يكون قادرًا على ممارسة قدر أقوى من التأثير، واستخدام مهارات إقناعية لمنع المجلس من الرجوع إلى الأساليب القديمة، في التضحية باستراتيجية النمو طويل الأجل لصالح تحقيق نجاح قصير الأجل.
وهذا يتطلب فردًا على قمة المسؤولية بوسعه تحقيق التوازن بين التركيز على الزبائن المطلوب من المؤسسة مع كون التوقعات بتحقيق الأهداف المالية يتزايد الإقرار بها. وثمة مؤسسات عالمية عديدة أقبلت على تعيين رؤساء تنفيذيين للتسويق أو لجأت إلى ترقية أفراد ليضطلعوا بدور الرئيس التنفيذي للتسويق في السنوات الأخيرة.
كذلك فإن العلاقة ما بين الرئيس التنفيذي للتسويق والرئيس التنفيذي قد تطورت من كونه «القائد الثاني الموثوق به» إلى كونه «شريكًا في السلاح». لقد بات الرئيس التنفيذي للتسويق، الآن، يرشد الرئيس التنفيذي في مجالات التركيز على الزبائن وبناء علامات تجارية قوية وتطويرها، وكذلك تحديد الفرص الجديدة واستثمارها، علاوة على الابتكار ودخول الأسواق وتحقيق التميز في التسويق.
وهكذا يتزايد دفع الرئيس التنفيذي للتسويق للعب دور الرئيس التنفيذي، حتى إن مؤسسات عالمية مثل شركة يونيليفر قد عمدت إلى الجمع بين أدوار الرئيس التنفيذي للتسويق وإدارة المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة في دور واحد.
لقد بدأت المؤسسات التطلع بشكل متزايد إلى الرؤساء التنفيذيين للتسويق لضخ جرعة منعشة من التفكير الإضافي الخلاق في مجالس الإدارة، التي هيمن عليها لفترات طويلة أنماط تفكير تقليدية وهيكلية.
إن دور الرئيس التنفيذي للتسويق يستمر في التطور على غرار التسويق وبناء العلامات التجارية مع كون التطبيقات العملية قد أضحت على نحو متزايد أكثر تعقيدًا. وثمة الإرباك الرقمي أمام المستهلكين الذين يتخذون قرارات الشراء، ما يجعل مجال تطوير استراتيجيات فعالة للتسويق والاتصال أمام تحديات أكبر.
وهذا في المقابل يفاقم من تحديات دور الرئيس التنفيذي للتسويق، على نحو وثيق الصلة. ويكشف التوجه الإيجابي الناشئ عن كون الرؤساء التنفيذيين قد بدؤوا يأتمنون، وعلى نحو متزايد، الرؤساء التنفيذيين للتسويق لبذل أوسع في هذا الجانب.
ومن أجل أن يظل الرؤساء التنفيذيون قوة فعّالة، فإنهم في حاجة إلى تقييم الفرص وتحديدها على نحو حاسم بما يحقق للشركة التوازن بين كفاءتها المالية والتشغيلية، دونما أن تفقد الإحساس مع الزبون واحتياجاته.